الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلة الرحم حق الله عز وجل

السؤال

أنا سيدة متزوجة منذ سنتين و لي طفل، مشكلتي هي مع أمي. والداي منفصلان وقد نشأت عند أمي وهي سيدة متسلطة جدا وقوية الشخصية حتى أنها لا تخشى أحدا من أهلها أبدا ولا أمها و لا إخوانها.
ربتني أمي على الخوف منها و كنت مطيعة لها في كل شيء حتى أنها تربط كل شيء بغضب الله ورضاه. استغلتني أمي عاطفيا و نشأت بدون شخصية فقط أنفذ رغباتها هي وألم الظلم يعتصر بداخلي. كبرت وأصبحت موظفة وكانت الفجوة تزيد بيننا يوما بعد يوم أصبحت أشعر أنني لم أعد أحبها ومع ذلك كنت لازلت راضية بها. ثم أصبحت أمي لا تطاق, كانت تأمرني بأشياء تغضب الله و كانت تريد أن تزوجني حتى لو بالطريق الخطأ فتحثني على أن أتعرف على شاب وأحادثه و أقابله ولكنني كنت أرفض و غير ذلك من الأشياء التي تغضب ربنا.
صرت أدعو الله أن يرزقني بالزوج الصالح و يستر علي حتى لا أنحرف بسببها. والحمد لله رزقني عريسا ممتازا و صالحا وأحبني جدا, لذلك تمسكت به و قررت ألا أسمح لأمي أن تخرب علي أو تتدخل في زواجي, لذلك بدأت المشاكل منذ الملكة وأصبحت تكرهه لأنه أخذني منها و جعلني لم أعد أسمع كلامها ظنا منها. كانت تقابله مقابلة سيئة أو تتعمد ألا تسلم عليه أمام الناس وجعلت حياتي جحيما فترة الملكة كلها سب وشتائم ودعاوى عليا مؤثرة في النفس ومع ذلك لم أكن أرد لخوفي من الله وصبرت, حتى أنها ضربتني أمامه لأن تسريحة شعري لم تعجبها. وقالت لي يوم فرحي: قلبي و ربي غضبان عليكي لأني لم أضع عدسات العين التي كانت تريدها.
بعد الزواج زادت المشاكل و زاد تدخلها في حياتي وأصبحت تتعمد أن تغضب زوجي وتطلب مني عمل أشياء تغضب زوجي من ورائه و تسلطني كي أعارضه و أعمل مشكلة معه من أجلها و كانت تقول إنها أهم من زوجي و لكني لم أكن أسمع لها و لكن في النهاية تحدث مشكلة مع زوجي بسببها. كانت أول أربعة أشهر في زواجي كالجحيم مشاكل مع زوجي طوال الأسبوع خاصة يوم زيارتها و كانت أسبوعيا. كنت وقتها أعمل ولكني كنت أعطي كل راتبي لأمي ظنا مني أنه واجب علي أن أعولها, و لكنها لم تفكر مرة واحدة أن تسألني إن كنت أحتاج منه أي مبلغ مع أني كنت في حاجة أنا و زوجي, و كانت هي تجلس على الانترنت طول يومها وحوالي ألف ريال فاتورة التليفون (أنا أولى بها). عندما تعبت نفسيا منها سألت شيخا عن فتوى راتبي وشرحت له الوضع أنني و زوجي أجلنا موضوع الإنجاب سنتين لتعسر المال, فقال الشيخ حسب وضعها أخوالي يعولونها وراتبي كله من حقي و إن أردت كزيادة من راتبي أن أعطيها. عندها سحبت راتبي كله والحمد لله أوضاعنا تحسنت وأصبحت حاملا. غضبت أمي كثيرا لذلك وكرهتني أنا وزوجي. ثم عملت لي مشكلة في مكان عملي وتطاولت على زميلي في العمل وعندما واجهتها أنكرت وألقت اللوم على زميلي وعلى زوجي قائلة أنها مؤامرة من زوجي و اتهمته سابقا أنه تلاعب في حسابي وأوقف بطاقة الصراف الآلي عندما كانت بحوزتها. غضبت لذلك غضبا شديدا وأمضيت الليالي و أنا أبكي من ظلمها و تعديها و أخبرتها أنني لن أزورها إلا إذا أصلحت ما أفسدته واعترفت أنها أخطأت و توقفت عما تفعله, لكنها غضبت لكرامتها ورفضت وأصرت على موقفها ودعت عليا أنا و زوجي ألا ندخل الجنة و دعت علي أن يعذبني زوجي حتى تشمت بي وقالت كلاما كثيرا.
شعرت باظلم منها حتى جدتي صدقتها أما أخوالي فلم يتدخلوا.أصبحت أكلمها بالتليفون فقط لأسأل عنها كانت ترد بطريقة سيئة ثم أخبرتني ألا أتصل بها ثانية و إنني مت بالنسبة لها وأنه إذا ماتت لا تريدني ان أقف على عزائها. بعدها أصبحت لا ترد على اتصالاتي مع العلم أنني كنت اأصل بنية الوصل فقط وذلك لله سبحانه وتعالى حتى لا أكون قاطعة رحم، و لكن لن أغير موقفي لأنني لابد أن أضع حدودا حتى لا يخرب بيتي. بعدها توقفت عن الاتصال بها و بجدتي لأنهم على موقفهم. أما أخوالي فقطعوا اتصالاتهم بي أيضا لا أدري السبب, مع ذلك أنا أتصل بهم دائما و أدعوهم لزيارتي لكن لا يأتوا( لا يريدوني) أنا الآن عندي طفل عمره سنة لم تره أمي ولا أخوالي و لا يريدون ذلك. علاقتي بوالدي ممتازة و كذلك بأهل والدي و موقفه أنه يعرف أمي و أنني أفضل حالا بدونها.
الحقيقة إني منذ انقطعت صلتي بأمي و جدتي أصبحت أحسن حالا أنا و زوجي لم تعد هناك مشاكل و مجادلات وأصبحت حياتنا هادئة والحقيقة أنني إذا أعدت العلاقات معها أخشى أن تبدأ الحكاية من جديد وأنا اشعر أنني استهلكت تماما وأخشى من انتقامها (أساسا لا اشعر بأي بادرة خير منها و لم تعترف بخطئها و لا تلميح مدة سنتين) مع العلم أني أخشى السحر ذلك لأنها عندما كنت صغيرة عملت عملا لتجعل أبي يحبني وأعطته لي لأطعمه للقطة. السؤال الذي يراودني دائما هو هل أنا ملامة إن لم أتصل بها مع العلم أنها طلبت مني ألا أتصل؟ هل هذا قطع رحم؟ كل ما أخشاه هو غضب ربي, و جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا تجوز لك مقاطعة أمك ولا هجرها ولو طلبت منك ذلك، وكذلك جدتك وأخوالك فيجب عليك صلة أمك وصحبتها بالمعروف والإحسان إليها.. لكن لا تلزمك طاعتها فيما تأمرك به من معصية زوجك أو النشوز عليه، كما تجب عليك نفقتها إن لم يكن لها مال ولا زوج ينفق عليها، وينبغي لك صلتها بالمال حتى وإن لم تكن محتاجة إليه فذلك من برها، فأحسني إليها وإن أساءت، وصليها وإن قطعت، ولو ردت عليك إحسانك ورفضت صلتك فلا تدعيها ولا تيأسي فقلبها أكثر شفقة من ذلك، ولأن الصلة حق لله عز وجل فلا تستطيع إسقاطها، ولأن الحامل لها على ذلك هو الغضب فهجرها لذلك لا يزيدها إلا غضبا.. لكن كلما زرتها أو اتصلت عليها فطردتك أو طلبت منك قطع الاتصال فأطيعيها، ثم أعيدي الكرة فيما بعد، ووسطي من له وجاهة عندها لعلها ترضى، وعلى كل فأدي ما عليك واصبري واحتسبي الأجر عند الله عز وجل.

وللمزيد انظري الفتاوى التالية أرقامها : 80361، 21916، 35463، 43958، 62735، 66325، 97810.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني