الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحوال دفع الصائل في الشرع

السؤال

أنا صاحب السؤال: 2194182.
أما يقول الله تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا. ألا تنطبق هذه الآية على هذا الصائل، علما أنها ليست المرة الأولى التي يقوم بهذه الفعلة، وكذلك لا يوجد عليه أي دليل كي أقدمه... أفيدونا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أرسلت لنا السؤال المذكور وأفتيناك بحرمة قتل هذا اللص، ونحن نؤكد على هذه الحرمة ونخوفك عذاب الله وانتقامه إن أنت أقدمت على قتله، ونزيدك فنقول: المعتدي على النفس أو المال أو البضع -العرض- يسميه العلماء صائلاً، ودفع الصائل بما يندفع به مشروع، فقد روى مسلم وغيره أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله. قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار.

قال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى: وجاز دفع صائل بعد الإنذار للفاهم وإن عن مال، وقصد قتله إن علم أنه لا يندفع إلا به.
ويختلف حكم دفع الصائل باختلاف ما يريد الاعتداء عليه، فإن كان يريد أخذ المال فدفعه جائز لا واجب، والمعتدى عليه مخير بين أن يدفع عن ماله، وبين أن يعطيه المال، وكذا في الدفع عن النفس، وأما في الدفع عن البضع –العرض- فقد قال كثير من العلماء بوجوب الدفع، بل قال النووي -رحمه الله- في شرحه لصحيح مسلم:
وأما المدافعة عن الحريم فواجبة بلا خلاف.

ومما ينبغي أن يعلم أن الواجب دفع الصائل بالأخف فالأخف، فلا يجوز قتله إن كان يندفع بما دون ذلك حتى نص العلماء - رحمهم الله- على أن من أمكنه الهرب لزمه الهرب، لأن الهرب حينئذ هو الأخف.
فإذا لم يمكن دفع شره أثناء تنفيذه للجريمة إلا بالقتل جاز قتله.

على أنا ننبه على أمر هام وهو أن هناك فرقا بين دفع الصائل حال صياله -حال اعتدائه وقيامه بالجريمة- وبين إقامة الحد عليه بعد فعله, فأما دفع الصائل فقد تحدثنا عنه وأما تطبيق الحدود فلا ينبغي لأحد أن يقيم الحدود إلا بإذن السلطان، فإن لم يكن سلطان يحكم بالشرع فلا يجوز لعامة الناس أن تقيم الحدود، ومن فعل ذلك أثم، لأن الحد يحتاج في إثباته وإقامته إلى اجتهاد وعلم وقدرة وسلطة، وعامة الناس لا يملكون ذلك، ولأن إقامة العامة للحدود يترتب عليها مفاسد عظيمة وإخلال بالأمن، فيعتدي الناس بعضهم على بعض قتلاً وتقطيعاً بحجة إقامة الحدود.

قال القرطبي في تفسيره: لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر الذين فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود وغير ذلك لأن الله سبحانه خاطب جميع المؤمنين بالقصاص ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعا أن يجتمعوا على القصاص فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود. انتهى.

وقال ابن رشد في بداية المجتهد: وأما من يقيم هذا الحد – أي : جلد شارب الخمر - فاتفقوا على أن الإمام يقيمه وكذلك الأمر في سائر الحدود .انتهى.

وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17038, 107893, 111044.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني