الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يلزم التأكد من كون الأكل حلالا في بلاد الكفر

السؤال

سؤالي هو أني إن شاء الله مسافر لليابان في رحلة عمل والشركة التي ستستقبلنا باليابان يوفرون لنا الأكل وقد قالوا لنا بأنهم وفروا لنا الأكل الحلال لأنهم يعرفون بأننا مسلمون وقد اشترطنا عليهم وهم أكدوا لنا بأن الأكل حلال سؤالي هل يلزم أن يكون الطباخ مسلم وهل يلزمني أن أتاكد من أن الأكل حلال أفيدوني مأجورين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الطعام لا يشترط أن يكون طابخه مسلما، ويدل لذلك أكل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من ضيافة اليهود والمشركين.

ففي مسند أحمد بسند صحيح أنه صلى الله عليه وسلم دعاه يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أتته يهودية بشاة مسمومة فأكل منها.

وبناء عليه، فإذا كانت الجهة المضيفة لكم تعهدت لكم بتوفير الحلال فلا يلزم التنقيب والبحث عن صحة كلامهم، ولاسيما إذا علمنا أن أغلب المأكولات في اليابان من نبات الأرض. إلا إذا شككتم في وجود مادة محرمة. وأما اللحوم فنظرا إلى أن أغلب أهل البلاد ليسوا مسلمين ولا كتابيين، فيمكنكم أن تسألوهم عنها هل هي مما ذكي أم لا؟ فإن أكدوا لكم أنها بتذكية مسلم أو كتابي فلا حرج فيها، وقد روى عبد الرزاق في المصنف عن ابن مسعود أنه قال: إنكم نزلتم أرضا لا يقصب بها المسلمون إنما هم النبط أو قال النبيط وفارس فإذا شريتم لحما فسلوا فإن كان ذبيحة يهودي أو نصراني فكلوه فإن طعامهم حل لكم. اهـ.
وفي فتاوى الهيتمي أنه سئل عن إخبار القصار الكافر بتنجس الثوب عنده مع بيان سببه وبغسله وإخباره عن غسل الثوب الذي كان متنجسا قبل التسليم إليه مع عدم علمه بشروط التطهير هل يعتمد خبره بذلك أم لا؟ وهل الكافر كالفاسق في الإخبار أم لا؟ فأجاب بقوله: أطلق الأصحاب أنه لا يقبل إخبار الفاسق والكافر بنجاسة ولا بطهارة، ويستثنى منه ما إذا بلغ المخبر من الفاسق أو الكافر عدد التواتر بأن كانوا جمعا يؤمَن تواطؤهم على الكذب وأخبروا عن عيان فيقبل خبرهم كما صرح به الفقهاء والأصوليون. ثم إنهم إن وافقوا المخبر في مذهبه في باب النجاسة والطهارة لم يشترط بيان السبب وإلا اشترط. ويستثنى منه أيضا ما إذا أخبر الكافر أو الفاسق عن فعل نفسه وبين السبب كقوله: بلت في هذا الإناء أو طهرت الثوب بماء كذا حتى زالت عين النجاسة عنه فيقبل خبره هنا أيضا. ففي الروضة عن المتولي وفي المجموع عنه وعن غيره أنه لو وجدت شاة مذبوحة فقال ذمي: أنا ذبحتها حلت لأنه من أهل الذكاة. انتهى.

فإذا قبل إخبار الكافر عن فعل الذكاة قبل إخباره عن فعله التنجيس أو التطهير مع بيان سببها بالمساواة إن لم يكن بالأولى لأن الذكاة يحتاط فيها ما لا يحتاط في ذينك. وقد أطلق السلف إباحة ذبائح أهل الكتاب ولم يشترطوا مشاهدتنا لذبحها، بل عولوا عليهم في ذلك توسيعا في الرجوع إلى أصل الإباحة.

وراجع الفتاوى التالية: 20590، 49790، 98311، 103614، 79316.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني