الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بين النسخ وحفظ القرآن الكريم

السؤال

شاهدت أحد الشيوخ فى إحدى القنوات الفضائية يقول إن هناك آيات من القرآن نسخ رسمها من المصحف وروى حديثا ما معناه أن صحابيا نسي سورة فذهب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وحكى له ما حدث فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: لقد نسخت هذه السورة البارحة فهل هذا الحديث صحيح، وإن كان صحيحا فكيف يمكن الجمع بينه وبين قول الله -سبحانه وتعالى-: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. وما مدى صحة قول عمر بن الخطاب -رضى الله عنه-: لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما أدراك ما كله لقد ذهب منه قرآن كثير؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد روى الطبراني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: أن رهطاً من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه أنه قام رجل منهم من جوف الليل يريد أن يفتتح بسورة قد كان دعاها فلم يقدر على شيء منها إلا بسم الله الرحمن الرحيم، فأتى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ثم جاء آخر وآخر حتى اجتمعوا فسأل بعضهم بعضاً ما جمعهم فأخبر بعضهم بعضاً بشأن تلك السورة، ثم أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه خبرهم وسألوه عن السورة، فسكت ساعة لا يرجع إليهم شيئاً ثم قال: نسخت البارحة فنسخت من صدوركم ومن كل شيء كانت فيه. ولم نقف على تصحيح أو تضعيف لهذا الحديث سوى كا ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى حيث قال ذاكرا لهذا الأثر: مثل ما صح من حديث الزهري حدثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف.. ثم ذكر الأثر

وروى ابن حبان في صحيحه والطبري في تهذيب الآثار عن زر بن حبيش قال: قال لي أبي بن كعب: كم تعدون سورة الأحزاب من آية؟ قال: قلت: ثلاثاً وسبعين، قال أبي: والذي يحلف به إن كانت لتعدل سورة البقرة ولقد قرأنا فيها آية الرجم: الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله، والله عزيز حكيم.

وأما القول الذي نسبته إلى عمر فإننا لم نره منسوباً إليه في شيء من كتب الحديث، ولكن روى أبو عبيد في فضائل القرآن عن إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: لا يقولن أحدكم: قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر منه. وهذا الحديث محمول على النسخ، والنسخ لا يعارض وعد الله بحفظ القرآن فهو سبحانه وتعالى لا يخلف وعده، ولكن المنسوخ ليس مما تعهد الله بحفظه بل ذكر تعالى أنه ينسخ بعض الآيات، فقال الله تعالى: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {البقرة:106}.

قال السيوطي في الديباج: قال القرطبي: ولا يتوهم من هذا أو شبهه أن القرآن ضاع منه شيء فإن ذلك باطل، قال الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني