الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا إشكال في كون الناسخ قبل المنسوخ في القرآن

السؤال

في سورة البقرة (من كتاب التفسير الميسر) كيف نسخت الآية 240 بالآية 234 وهي سابقة لها؟ أم أن ترتيب الآيات بهذا الشكل كان من فعل الصحابة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأكثر العلماء على أنَّ قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة:240} منسوخ بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة:234}.

قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: قال الأكثرون: هذه الآية منسوخة بالتي قبلها وهي قوله: {يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} انتهى.
وكون الآية المنسوخة متأخرة عن الآية الناسخة في المصحف؛ لا يعني أنّها نزلت بعدها، فإنّ ترتيب الآيات في المصحف ليس موافقاً لترتيب النزول. جاء في كتاب الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم للقاضي أبي بكر بن العربي: وقد استغرب الناس كون الناسخ قبل المنسوخ في (الخطاب)، وليس ذلك بغريب، فإن إثبات (الآي والسور) في الكتاب لم يكن على الترتيب في النزول، وربك أعلم (بترتيب الإنزال)، وترتيب الكتاب، وهو بكل شيء عليم. انتهى.
أمّا قولك إنّ ترتيب الآيات كان باجتهاد الصحابة فهو غير صحيح، فإنّ ترتيب الآيات في المصحف جاء بالوحي وليس باجتهاد من أحد، جاء في صحيح البخاري عن ابن أبي مليكة، قال: قال ابن الزبير: قلت: لعثمان بن عفان {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} [البقرة: 234] قال: قد نسختها الآية الأخرى، فلم تكتبها؟ أو تدعها؟ قال: يا ابن أخي؛ لا أغير شيئا منه من مكانه. اهـ
قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: ومعنى هذا الإشكال الذي قاله ابن الزبير لعثمان: إذا كان حكمها قد نسخ بالأربعة الأشهر، فما الحكمة في إبقاء رسمها مع زوال حكمها، وبقاء رسمها بعد التي نسختها يوهم بقاء حكمها؟ فأجابه أمير المؤمنين بأن هذا أمر توقيفي، وأنا وجدتها مثبتة في المصحف كذلك بعدها، فأثبتها حيث وجدتها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني