الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم انتفاع الزوج بما تملكه الزوجة من أمتعة

السؤال

عندنا عند عقد النكاح يتفق أهل الزوج والزوجة على أن العفش-الأثاث- يشترى مناصفة يدفع الرجل وأهله النصف، والمرأة وأهلها النصف الآخر، وبعد الزواج من المعروف أن العفش كله يكون للزوجة باعتبار أن النصف الذي دفعه الرجل وأهله هو المهر، لكن يكتب في قسيمة الزواج المهر بمبلغ رمزي مثلا واحد جنيه حتى يتفادى دفع رسوم كثيرة، لأن الرسوم نسبة من المبلغ المكتوب في القسيمة. لكن يكتب مبلغ آخر يسمى مؤخر الصداق يكتب كاملا بالتحديد كما يجب سداده.
السؤال هو: بعد الزواج معلوم أن العفش-الأثاث- أصبح ملكا للزوجة شرعا لكن هو موجود في مسكن الزوجية، الزوج يستعمله كما هو معلوم عرفا، ممكن يتلف مثلا زجاج يكسر أو مرايات تكسر من غير قصد من الزوج أو ربما من الزوجة، أو الخشب مع الوقت يتلف وقشرة الموبيليا تتلف وغير ذلك. هل على الزوج أي التزامات شرعية تجاه صيانة العفش-أي هل يأثم شرعا إذا تلف أي شيء من الأثاث منه عن غير قصد، أو من غيره مثل الزوجة أو الضيوف أو الأولاد- علما بأنه عند عقد النكاح كان الاتفاق على مناصفة ثمن العفش، ولم يحدث أي كلام بخصوص هل على الزوج صيانة العفش أو دفع ثمن تجديده أو أصلاحه، ومعروف عرفا أن للزوج استخدامه وقد يتلف أي شيء منه. هل شرعا يأثم الزوج إذا لم يدفع ثمن صيانة أي جزء من العفش تلف بمرور الوقت، أو زجاج كسر من غير قصد من الزوج أو الزوجة أو الأولاد أو الضيوف. مع العلم والتأكيد على ما أن ما تم الاتفاق عليه عند إجراءات عقد النكاح هو شراء الأثاث ووضعه في مسكن الزوجية للاستخدام، ومناصفة ثمنه فقط مرة واحدة عند الشراء ولم يحدث أبدا التطرق لموضوع صيانته عند الاتفاق على شروط الزواج أي لم يتم ذكر أن على الزوج إصلاح التالف أو صيانته.
هل لو أرادت الزوجة أن تبيع جزءا منه تبيعه بحالته المتهالكة وتأخذ ما تحصل عليه من البيع وليس على الزوج أي التزامات مالية تجاه إرجاعه لوضعه الأصلي أو فرق الثمن ليس الزوج ملزم به؟
نفس السؤال بالنسبة لأدوات الأكل مثل الكؤوس والأطباق، العرف أنها على الزوجة هل لا يدفع الزوج أى شىء فيها لو كسر منها شىء عن غير قصد، والمعالق لو ضاع بعضها فى الزبالة هل يوجد أى إثم شرعى على الزوج لأنه فى المقابل الزوجة أيضا تستعمل الكهربائيات التى يجب على الزوج إحضارها ولا يطالبها بثمن صيانتها أو غيرها إن تلفت؟
هل لو توفى الزوج المطلوب شرعا هو سداد مؤخر الصداق للزوجة من التركة ولا يخصم أى شىء آخر مقابل أى أثاث تالف أو كؤوس كسرت أو غير ذلك، لأنه معلوم أن هذه الأشياء توضع فى مسكن الزوجية للاستخدام وقد لا تكون سليمة أو كاملة، إذا توفى الزوج فهل شرعا على الزوج أى ديون تجاه الزوجة بخصوص هذه الأشياء علما أنها أو أهلها لم يشترطوا أو يقولوا أى شىء بخصوص هذه الأشياء.
وهل على الزوج أى ديون للزوجة غير مؤخر الصداق شرعا اذا توفى قبل الزوجة؟ معلوم أن الزوج عليه الانفاق لكن لو اشترت الزوجة طعاما وأكل منه الزوج بموافقة الزوجة ومن باب العشرة بالمعروف، واشتركا مثلا بالمعروف فى بعض مصاريف البيت والأولاد والهدايا التى أهدتها الزوجة لزوجها شرعا لا يجب خصم أى شىء من تركة الزوج أو مطالبته فى حياته إذا رزقه الله بالمال أن يدفع لها ثمن ذلك، وليس لها أن تأخذ الهدايا إذا توفى الزوج قبلها إنما يجب أن تترك وتوزع ضمن التركة. أى هل تبرأ ذمة الزوج شرعا من الديون تجاه الزوجة بسداد مؤخر الصداق والباقى هو توزيع التركة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان أثاث البيت ملكا للزوجة لكونه من صداقها، أواشترته من مالها فلا يجوز للزوج الانتفاع به إلا برضا الزوجة، هذا مذهب جمهور أهل العلم، ففي الموسوعة الفقهية: قال جمهور الفقهاء: ليس للزوج الانتفاع بما تملكه الزوجة من متاع كالفراش, والأواني, وغيرها بغير رضاها, سواء ملكها إياه هو, أم ملكته من طريق آخر, وسواء قبضت الصداق, أم لم تقبضه. ولها حق التصرف فيما تملكه بما أحبت من الصدقة, والهبة, والمعاوضة, ما لم يعد ذلك عليها بضرر. انتهى.

والزوجة عرفا تسمح لزوجها باستعمال أثاث البيت. وبناء على ذلك، فما أتلفه الزوج من هذا الأثاث من غير قصد بحيث استعمله استعمال مثله عرفا فلا ضمان عليه لأنه أمين، أما إذا فرط ولم يستعمله استعمال مثله فعليه ضمان مثله أو قيمته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 49631.

ولا يأثم الزوج بعدم صيانة أثاث البيت المذكور إذا أرادت الزوجة بيعه، كما لا يلزمه ضمان ما أتلفته الزوجة أو الضيوف، أو ضاع مطلقا، ولا يؤخذ من تركته إذا مات.

أما مؤخر الصداق إذا كان باقيا في ذمة الزوج ومات قبل أدائه فهو حق للزوجة تأخذه من تركته مع نصيبها من الميراث فقط ،إذا لم تكن لها عليه ديون أخرى ثابتة شرعا، وتبرأ ذمته تجاه الزوجة بهذا.

كما لا يلزم ضمان ما أكله من طعام لزوجته بإذنها أو ما اشترته من مصاريف البيت تبرعا أو هدية أهدتها له، فكل ذلك لا يخصم من تركته إذا مات.

أما ما أنفقته على نفسها أو الأولاد أو مصاريف البيت بقصد الرجوع على الزوج، فإنه يكون دينا في ذمته يؤخذ من تركته قبل قسمها، وراجع فى ذلك الفتوى رقم:34771 .

والهدايا التي أهدتها الزوجة لزوجها وحازها الزوج قبل موته تكون ملكا له توزع ضمن تركته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 58686.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني