الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شهادة المستأجر إذا كانت ستعيد الدكان المسلوب إلى مالكه

السؤال

استأجر رجل دكانا، وقضى فيه عدة سنوات تزيد على 30 سنة ، ثم مات، وقام أحد أبنائه محله لسنوات، ثم جئت أنا واستأجرت منه الدكان دون وثائق، ثم ظهر أحد أبناء مالكة الدكان، وطلب مني الشهادة ضد من أجر لي الدكان، واعدا إياي أنه متى فعلت ذلك، فإنه سيؤجره لي بثمن أقل . علما وأن شهادتي هذه وبحسب القانون ستسقط حق من أجر لي الدكان دون وثائق في ما يسمى عندنا بحق الأصل التجاري. وعليه رفضت الشهادة وأعلمت ابن مالكة الدكان أنه أراد مني كلمة حق لاضرر من عدمها، بل على العكس فهي شهادة لا تحفظ حق من أجر لي الدكان في الأصل التجاري. أي بمجرد شهادتي فإن من أجر لي الدكان ولمدة أقل من عام سوف يكون مجبرا على الخروج منه، وسقوط حقه في الأصل التجاري، وهذه هي نية ابن المالكة من الشهادة، خاصة بعد أن عرض علي أن يبقيني في الدكان بثمن أقل، ولما قلت له إنه سوف يصيبني ضرر قانوني ومادي، رد قائلا لما من ضرر قانوني، وأما الضرر المادي وقيمته 1250 دينارا تونسيا فهو مستعد لجبره. أفتوني رحمكم الله في أقرب وقت على عنواني البريدي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر أن هذا الدكان مستأجر على نظام القانون الوضعي الذي لا يشترط مدة معينة للإجارة، فإن كان كذلك فإنه يجب فسخ عقده؛ لأنه يشترط لصحة عقد الإجارة بيان المدة التي تنتهي فيها الإجارة، وإذا انفسخ العقد لم يجز للمستأجر البقاء في العين المؤجرة؛ ولو كانت القوانين الوضعية تجيز له ذلك، ثم المؤجر مخير بين تأجيره لهذا المستأجر أو لغيره، ملتزما بالشروط الشرعية في الإجارة، وقد سبق التنبيه على هذا في الفتويين:48331 ، 15524.

وأما إذا كان عقد إجارة هذا الدكان عقدا شرعيا صحيحا محدد المدة، فإنه يجوز للمستأجر الأول أن يتنازل عن حقه في المحل، وأن يؤجره لغيره بأجرة تزيد على الأجرة الأصلية ما دامت إجارته سارية، بشرط أن يكون المستأجر الثاني سيستخدم المحل ‏في مثل ما كان يستخدمه فيه المستأجر الأول أو في ما هو أقل ضررا، وهذا هو ما يسمى ببيع المفتاح أو بدل الخلو، كما سبق بيانه في الفتويين: 9664، 33635.

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الرابع، المتعلق بموضوع (بدل الخلو): إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد أثناء مدة الإجارة على ‏التنازل عن بقية مدة العقد لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية، فإن بدل الخلو هذا جائز ‏شرعا، مع مراعاة مقتضى عقد الإجارة المبرم بين المالك والمستأجر الأول، ومراعاة ما ‏تقضي به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية.‏ ‏على أنه في الإجارات الطويلة المدة - خلافا لنص عقد الإجارة طبقا لما تسوغه بعض ‏القوانين- لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر، ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة ‏المالك. انتهى. وراجع بقية القرار في الفتوى رقم: 9528.

وأما موضوع الأصل التجاري فالذي نفهمه أن السائل يعني به حق الاسم التجاري أو العلامة التجارية، فإن كان كذلك، فهذا الاسم يعتبر حقا للتاجر، وقد اتفق العلماء المعاصرون على اعتبار الاسم التجاري حقا ماليا يجوز لصاحبه الانتفاع به والتصرف فيه بالبيع والإجارة وغير ذلك، ويمنع الغير من الاعتداء عليه، وبهذا صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي، راجع هذا القرار في الفتوى رقم: 9797. وانظر الفتوى رقم: 49509.

وبناء على ما تقدم، فإن كانت إجارة المستأجر الأول صحيحة وله حق شرعي أن يؤجر عليك هذا الدكان بعلامته التجارية، وشهادتك ستلحق به ضررا لا يستحقه، فلا يجوز لك أن تدلي بهذه الشهادة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر و لا ضرار" رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.

وأما إن كانت شهادتك ستعيد الحق لمالكه، فعليك الإدلاء بها، لا سيما وقد طلبها منك، وهذا هو الذي يظهر لنا من السؤال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني