الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من أفطرت خوفا على الجنين

السؤال

أنا كنت حاملا في رمضان الفائت، وقد أفطرت مدة خمسة أيام لأني كنت خائفة على الجنين وليس علي، والآن أنا أرضع طفلي وعمره أربعة أشهر ورمضان سيدخل وأنا لم أقض ما علي من أيام. فماذا أفعل؟ وهل له كفارة إطعام مسكين فقط أم الصوم فقط؟ أم الصوم وإطعام مسكين؟ وكم بالعملة القطرية أنا أعيش في دولة قطر؟ وهل علي إثم إذا لم أقض قبل رمضان القادم أم ماذا؟ وهل يجوز لي أن أفطر في رمضان القادم أيضا؟ أفيدوني أفادكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فخلاف العلماء مشهور في الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفاً على الولد، فذهب بعض أهل العلم إلى أن الواجب هو القضاء فقط، وذهب آخرون إلى أن الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفاً على الولد فقط فعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم أفطرتاه.

قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما فلهما الفطر وعليهما القضاء فحسب، لا نعلم فيه بين أهل العلم اختلافاً لأنهما بمنزلة المريض الخائف على نفسه، وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم، وهذا يروى عن ابن عمر وهو المشهور من مذهب الشافعي. انتهى. وهذا القول هو المفتى به عندنا، وانظري لذلك الفتوى رقم: 80576.

وبه تعلمين أن الواجب عليك هو قضاء تلك الأيام الخمسة التي أفطرتها مع إطعام مسكين عن كل يوم من هذه الأيام، وإذا استمر عذرك حتى دخل رمضان التالي فلا شيء عليك زائداً على ما تقدم، وإذا خفت على الرضيع في رمضان القادم أو على نفسك جاز لك الفطر، لكن إن كان الخوف على الرضيع وحده فعليك مع القضاء الفدية على ما مر، وإن كنت أخرت القضاء حتى دخل رمضان لغير عذر فعليك كفارة أخرى وهي إطعام مسكين عن كل يوم أخرت قضاءه، لفتوى أبي هريرة وابن عباس بذلك، ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة.

وأما قدر الفدية اللازمة لك فهو إطعام مسكين لكل مسكين مد من طعام وهو ما يساوي 750 جراماً تقريباً، وهذا مذهب الشافعية، وعند الحنابلة أن الواجب مد من بر أي قمح ونصف صاع من غيره، ونصف الصاع مدان أي كيلو ونصف تقريباً، وهذا أحوط.

قال ابن قدامة رحمه الله: إذا ثبت هذا فإن الواجب في إطعام المسكين مد بر أو نصف صاع من تمر أو شعير والخلاف فيه كالخلاف في إطعام المساكين في كفارة الجماع.

فعليك أن تشتري مقدار الكفارة وتطعميها المساكين، أو تدفعي ما يشتري به هذا القدر من الطعام إلى من يقوم بإخراج الكفارة نيابة عنك، وأما إخراج القيمة فلا يجوز في قول الجمهور، وانظري لذلك الفتوى رقم: 93960.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني