الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشهادة بما علمه ولم يره

السؤال

كانت هناك مشكلة مع أناس في بلدهم وكان على أثرها أنهم كسروا سيارة صديقي وأنا كنت فى مكان مجاور وغادر صديقى البلد وطاردوه بسياراتهم وصدموها من الخلف وألحقوا بها ضررا فادحا، وضربوه وتم تصليح السياره بالكامل على حسابي، وعملنا محضرا وكان من المهم شهادتنا بالواقعة.السؤال: أنا لم أكن في قلب الحدث ولكن في الشهادة في المحكمة حلفت اليمين وقلت ما حدث في الواقعة بالضبط وكأني موجود ولكن ماحدث قلته لأني متأكد تمام التأكد أنه حدث بقصد حفظ حقنا. مافعلته كان صحيحا أم خطأ وإذا كان خطأ ما هي كفارة اليمين؟الرجاء الرد حتى أرتاح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن شأن الشهادة عظيم وعلى المسلم أن يتحرى الصدق والدقة فيها ولا يشهد إلا بما علم وتيقن صحته فقد روي أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ: تَرَى اَلشَّمْسَ ? قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ, أَوْ دَعْ. أَخْرَجَهُ اِبْنُ عَدِيّ ٍواَلْحَاكِمُ والبيهقي في الشعب.

ويتأكد الاحتياط إذا كان يترتب على الشهادة حقوق بدنية أو مالية.. فقد قال الله تعالى حكاية عن إخوة يوسف: وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ. {يوسف:81}. وقال تعالى: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. {الزخرف:86}.

ولهذا فإذا كان قد تحصل لديك العلم الكافي واليقين التام من تواتر الأخبار وقرائن الأحوال.. بأن ما شهدت عليه هو الحقيقة وأنه هو ما وقع بالضبط ولم تدع بأنك عاينته.. فإنما فعلته صحيح-إن شاء الله تعالى- ونرجو ألا يكون عليك حرج في هذه الشهادة لأن حصول العلم اليقيني بأي وجه كان حصوله تجوز به الشهادة كما قال العلماء.

فقد جاء في تفسير القرطبي عند قول الله تعالى: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. قال: تضمنت هذه الآية جواز الشهادة بأي وجه حصل العلم بها، فإن الشهادة مرتبطة بالعلم عقلاً وشرعاً ، فلا تسمع إلا ممن علم، ولا تقبل إلا منهم ، وهذا هو الأصل في الشهادات ، ولهذا قال أصحابنا : شهادة الأعمى جائزة ، وشهادة المستمع جائزة ، وشهادة الأخرس إذا فهمت جائزة...

أما إذا لم يحصل عندك علم تام بما حدث، أو كان في الشهادة ما ينافي الحقيقة فإنها تعتبر شهادة زور. وعليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى وتكثر من النوافل وأعمال الخير.. فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

وشهادة الزور كبيرة من أعظم الكبائر.. يستحق صاحبها العقاب في الدنيا والآخرة إن لم يتب وعليه أن يغرم ما تلف بسببها.

قال ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام:

وشاهد الزور اتفاقا يغرمه * في كل حال والعقاب يلزمه.

وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل وما يترتب عليه من ضمان لما تلف بسببها، وتعزير صاحبها إذا كان متعمدا في الفتويين: 20787، 69809.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني