الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تفضيل الأبناء على البنات في التعليم

السؤال

أبي كان شابا من هؤلاء الشباب الذين نسوا الله، وبعد أن تزوج أمي وأنجبونا أصبح معقدا جدا، وأصبح إماما في الجامع، وكل شيء يحرمه علينا ويحلله على إخوتي الصبية، حتى إخوتي أصبحوا مثله معقدين جدا، لا يدعوننا نزور أحدا ، كل شهرين حتى نخرج مرة إلى قريب لنا نحن الفتيات، ولكن إخوتي الشباب وأبي متى ما يحلو لهم أن يزوروا ما يريدون.
وأبي أدخل إخوتي الشباب الجامعات، ونحن الفتيات أدخلنا سنتين معهدا، مع العلم بأننا أفضل منهم في طلب العلم، ومتحمسون أكثر منهم ، فسؤالي: ماهي الوسائل التي أستطيع أن أقنع بها أبي أن أدرس في جامعة أو أن يعطينا قليلا من الحرية التي يفهمنا بشكل خاطئ؟ وكيف أتصرف معه لأنه يشك كثيرا بكرامتي حتى وأنا داخل البيت وبجانبه؟ ساعدوني لأنني لا أستطيع التحمل أكثر من ذلك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجب عليك أيتها السائلة أن تتثبتي وتتريثي قبل اتهام أبيك بتلك التهمة الخطيرة وهي التحليل والتحريم بمجرد الهوى، فإن اتهام أي مسلم بهذه التهمة أمر خطير؛ لأن عرض المسلم مصون محرم لا يجوز الوقوع فيه إلا في أضيق الحدود، وعندما يتعين هذا الوقوع وسيلة لمصلحة معتبرة شرعا ولا تتحقق إلا به كرفع أمره لسلطان يرفع ظلمه، قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب : 58}. قال ابن كثير: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا } أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، { فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } انتهى

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني. وردغة الخبال هي عصارة أهل النار. وتشتد الخطورة ويعظم الإثم إذا كان هذا في حق الأب الذي عظم الله حقه على أولاده.

فكوني – رحمك الله – على حذر من المسارعة في ذلك، وأحسني الظن بأبيك ولا تقارني بين حالك وحال إخوتك الذكور، فإن الرجل بخلاف المرأة، وقد قالت امرأة عمران فيما قص الله من خبرها: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى {آل عمران : 36}

فإن الأليق بحال الأنثى الستر والصيانة وملازمة البيت، بخلاف الرجل فإن حاله ومسئولياته تقتضي البروز والخروج لقضاء مصالح نفسه وأسرته.

فقد يكون ما يحدث معكم من أبيكم بقصد ستركم وصيانتكم وحفظ أعراضكم خصوصا في مثل هذه الأزمان التي كثرت فيها الفتن وعظمت. وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 136541أن الأولى بالمرأة أن تكثر من ملازمة بيتها وتقلل الخروج قدر المستطاع، فإذا احتاجت إلى الخروج لمصلحة دينية أو دنيوية فلا حرج عليها في ذلك بشرط التزام الآداب الشرعية من لبس الحجاب الشرعي وغض البصر وترك الاختلاط المحرم وغير ذلك.

ولكن إن ثبت خلاف هذا، وأن أباكم يفضل الذكور عليكن فيما أمرت فيه الشريعة بالتسوية، فهذا لا شك أمر محرم؛ لأن العدل بين الأولاد واجب كما بيناه في الفتوى رقم: 67068 ، 73704 .

وحينئذ فعليك أن تنصحي لأبيك بلطف ولين، وتذكريه بما أوجبه الشرع عليه من العدل بين أولاده، وتنصحي له أيضا بشأن الشك في سلوك بعض بناته دون حجة ولا برهان فإن هذا من الظن المحرم، قال الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث... متفق عليه

وأما بخصوص التعلم في الجامعة فينظر فيه؛ فإن كانت هناك مخالفات شرعية من اختلاط ونحوه فعليكن حينئذ أن تمتثلن أمره، وأما إن خلا الأمر من المخالفات الشرعية، ولم يكن هناك ما يخشى منه فلا يجوز له حينئذ منعكن من الدراسة بالجامعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني