الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تلفظ الزوج بالطلاق

السؤال

في البداية أعتذر عن الإطالة وأرجو من حضراتكم سعة الصدر والصبر علي: عقدت على زوجتي، وقبل دخولي بها حدث بيني و بين أهلها خلاف شديد بسبب بعض الأمور المادية، لدرجة أنهم طلبوا مني أن أطلق ابنتهم فتمالكت في هذا الموقف العصيب، وكدت أنفجر من شدة الغضب وخرجت عنهم على هذه الحالة وأنا أكاد أبكي، وأثناء عودتي إلى بيتي والأحداث تعاود نفسها من جديد على ذهني، وإذا بالأحداث تتصاعد وتتصاعد بداخلي وأتذكر طلبهم بتطليق ابنتهم، فإذا بي أتلفظ صراحة بكلمة: أنت طالق ـ فأفقت على حزن وندم شديدين ولم أعتقد حينها وقوع الطلاق بهذه الكيفية، ولم يعلم بهذا الأمر أحد إلا الله عز وجل ـ مع العلم أنني كلما أهم بأمر أجدني أتحدث مع نفسي بصوت خافت وأنا أتخيل الأشخاص والأحداث وقد لا أدرك ما يدور حولي في هذه الأثناء حتى إن كل من يتعامل معي عن قرب يلاحظ ذلك وقد ينتابه التعجب والضحك، والله على ما أقول شهيد ـ ومرت الأيام وهدأت النفوس ودخلت بزوجتي، وأثناء مطالعتي لبعض المسائل الفقهية ـ بعد زواجي بشهور قليلة ـ قرأت أن الطلاق قد يقع على هذا النحو، فحزنت حزنا شديدا ورحت أبحث فى كتب الفقه، فعلمت أنه: لا طلاق في إغلاق ـ فاعتقدت أنني كنت كذلك حين حدث هذا الأمر، وسألت أحد الأئمة فأفادني بأنه لا شيء علي، والآن وبعد مرور سبع سنوات على دخولي على زوجتى وإنجابى ثلاثة أبناء وأثناء اطلاعي على بعض المسائل الفقهية والبحث على الأنترنت قرأت قضايا مماثلة لحالتي، والإجابات متفاوتة، فقمت بالذهاب إلى دار الإفتاء المصرية وعرضت عليهم مشكلتي، فسألني الشيخ عن قصدى بهذه الكلمة، فقلت لا شيء، فسألني: هل خلوت بزوجتك فى بيت أهلها، فقلت: لا ـ مع العلم أنني بعد العقد كنت أجلس مع زوجتي منفردين وحدث بعض التقبيل والعناق والاستمناء من غير جماع ـ فسألني: هل قمت بعمل حفل عرس، قلت نعم، فقال لي: لم يقع ـ أى الطلاق ـ واتق الله وتصدق بخمسين جنيها على فقراء المسلمين، قلت له يا شيخ، لكنني قرأت آراء كثيرة، فقال لي خذ ما أفتيناك به، فخرجت عنه وأنا أسأل نفسي لماذا سألني عن الخلوة وحفل العرس؟ وأنا الآن في هم شديد لا يعلمه إلا الله.
والآن وبعد أن عرضت مشكلتي بكل أمانة، فإن الشك يقتلني وأخاف أن أكون من الأخسرين أعمالا، وأريد ردا حاسما لمشكلتي، فماذا لو وقع الطلاق؟ وكيف أصحح الوضع؟ مع أنني مستعد لعمل أي شيء مخافة الله رب العالمين، وكيف أخبر زوجتى بهذا الأمر؟ حيث إنني لا أتصور رد فعلها، وماذا عن أولادي وأهلي إذا لزم الأمر عمل عقد جديد؟ فهل يلزم وجود ولي للزوجة؟ أم أنه يجوز لها أن تباشر العقد بنفسها، حيث إن عمرها الآن: 29 سنة؟.
أفيدوني برد حاسم وصريح وبارك الله فيكم وأعتذر ثانية عن الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كنت قد تلفظت بطلاق زوجتك أثناء عودتك بعد حدوث الخلاف مدركاً لما تقول: فقد وقع عليها الطلاق، وفي هذه الحال يلزمك تجديد عقد الزواج، ولابد فيه من حضور وليها أو وكيله، أما إذا كنت قد تلفظت بطلاق زوجتك في حال غضب شديد بلغ بك أنك لا تدرك ما حولك ولا تعي ما تقول، فهذا الطلاق لا يقع، لقوله صلّى الله عليه وسلم: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. رواه أبوداود وابن ماجه، وحسنه الألباني. وانظر الفتوى رقم: 1496.

وفي هذه الحال: يكون زواجك صحيحا ـ إن شاء الله ـ ولا حاجة لتجديد العقد.

والواجب عليك الإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إليها ـ جملة وتفصيلاً ـ والحذر من التمادي فيها، فإن عواقبها وخيمة، ومن أعظم ما يعينك على ذلك: الاستعانة بالله وصدق اللجوء إليه وكثرة الدعاء، وراجع في وسائل التخلص من الوسوسة الفتاوى التالية أرقامها: 39653، 103404، 97944، 3086، 51601.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني