الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

للرسول صلى الله عليه وسلم حق التشريع مستقلا

السؤال

قول النبي صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة. فعلى حد علمي أن الحديث صحيح، وصححه ـ أيضا ـ الشيخ: مصطفى العدوي حفظه الله.
فهل معنى ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم يشرع من تلقاء نفسه؟ لأن المتبادر إلى ذهني أن المعنى: لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم خشي أن يكون ذلك شاقا على الأمة لأمر به وجوبا.
أرجوا الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحديث: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي ـ أَوْ عَلَى النَّاسِ ـ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ. حديث صحيح، بل من أصح الأحاديث، فقد اتفق على روايته الشيخان. وقال الحافظ في التلخيص: قال ابن منده: وإسناده مجمع على صحته. هـ.

وفيما إذا كان معنى هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم يشرع من عند نفسه، فالجواب: أن نعم ـ لأن الله عصمه من الخطإ في التبليغ، وأخبر أنه لا ينطق عن الهوى وأمرنا بطاعته ـ مطلقا ـ فدل هذا على أنه لا يشرع إلا ما يريده الله تعالى.

وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.

وفي كتاب الله تعالى: ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله.

قال شيخ الإسلام: لا نزاع بين المسلمين أن الرسول صلى الله عليه و سلم معصوم فيما بلغه عن الله تعالى، فهو معصوم فيما شرعه للأمة بإجماع المسلمين. هـ.

وقال القاضي عياض في الشفاء: إن الأمة أجمعت فيما طريقه البلاغ أنه معصوم فيه من الإخبار عن شيء بخلاف ما هو عليه ـ لا قصدا ولا عمدا ولا سهوا ولا غلطا. هـ.

قال الشيخ عطية سالم ـ رحمه الله تعالى ـ في شرح بلوغ المرام عند شرحه لحديث: لولا أن أشق: وهل هو الذي يأتي بالأحكام من عنده، فيشق على الناس أو يخفف؟ قالوا: نعم، له حق التشريع مستقلاً، وهو كما وصفه سبحانه بقوله: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ. {التوبة: 128 }.

ومن الأمثلة في تشريعه صلى الله عليه وسلم مع كتاب الله: حينما بين سبحانه وتعالى المحرمات في النكاح فقال: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ.{ النساء: 23 }. فأضاف إليه صلى الله عليه وسلم فقال: لا تنكح المرأة مع عمتها ولا مع خالتها. فالقرآن ما جاء بهذا، ولكن جاء به صلى الله عليه وسلم؛ ولذا قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي. { آل عمران: 31 }. فالله أعطاه حق التشريع، قال تعالى: وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ.{ الحشر: 7 }. وسواء أتانا به من عند الله أو أتانا به من عنده، فقد قال تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى. {النجم:3}. هـ.

وانظر للفائدة الفتويين رقم: 3879, ورقم: 4588.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني