الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التطهر بالماء الطهور إذا خالطه ماء مستعمل

السؤال

رأيت مرة صفة الوضوء لشيخ ـ أعتقد أنه أحمد يعقوب ـ وقد نبه وهو يشرح صفة الوضوء إلى خطإ عندما بدأ يشرح غسل اليدين وقال إن بعض الناس يخطئ حينما يبدأ بغسل اليد من البداية ثم يقوم بتلقف الماء النازل من يده ويكمل بقية غسل يده به، فقال هذا لا يصح، لأنه أصبح ماء طاهرا في نفسه وليس مطهرا، وسؤالي: هل ما فهمت صحيح من أنني عندما أتوضأ ينزل من وجهي بعد غسله قطرات ماء ـ القصد الماء النازل بعد غسل عضو إلى عضو آخر ـ على يدي وأنا أغسلها؟ وهل هذا يؤثر على صحة الوضوء بحكم أنه طاهرفي ذاته وليس مطهر لغيره؟ وأشعر أنه أحيانا يصعب التحرز من هذا ويدخل الوسوسة في عدم صحة الوضوء، وهذا قد يشكك أكثر في الغسل، حيث إن الغسل من الجنابة عندما يبدأ بغسل الرأس فإن الماء ينزل من الرأس على الجسم حتى القدمين، وقد تحول هذا الماء بعد غسل الرأس وأعلى الجسم ونزوله على أسفل الجسم إلى ماء طاهر ـ كما أفهم ـ لأنه ماء استعمل في رفع الحدث بعد غسل قبله ـ وهو أعلى الجسم والرأس.أرجو توضيح المسألة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمذهب جمهور العلماء أن الماء المستعمل في طهارة واجبة طاهر في نفسه غير طهور ـ أي غير مطهر لغيره ـ فلا يجوز استعماله في الطهارة، وذهب بعض العلماء إلى طهوريته ـ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من المحققين ـ وقول الجمهور أحوط، والخروج من الخلاف مهما أمكن أمر حسن، ولتراجع الفتاوى التالية أرقامها ففيها مزيد بسط وتفصيل: 140654، 136117، 64017.

وتفريعا على قول الجمهور فإننا نبين أن مخالطة الماء المستعمل إذا كان يسيرا للماء الطهور لا تسلبه الطهورية لأن ذلك مما يكثر ويشق الاحتراز منه، وبه يتبين أن من كان يتوضأ ثم تساقطت قطرات من الماء الذي غسل به وجهه فاختلطت بالماء الذي يغسل به يديه، فإن ذلك لا يضر، قال ابن قدامة ـ رحمه الله: وإن كان الواقع في الماء ماء مستعملا عفي عن يسيره، قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الرجل يتوضأ فينضح من وضوئه في إنائه؟ قال: لا بأس به، قال إبراهيم النخعي: لا بد من ذلك ـ ونحوه عن الحسن، وهذا ظاهر حال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لأنهم كانوا يتوضؤون من الأقداح والأتوار ويغتسلون من الجفان، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو وميمونة من جفنة فيها أثر العجين، واغتسل هو وعائشة من إناء واحد تختلف أيديهما فيه كل واحد منهما يقول لصاحبه: أبق لي، ومثل هذا لا يسلم من رشاش يقع في الماء، وإن كثر الواقع وتفاحش منع على إحدى الروايتين، وقال أصحاب الشافعي: إن كان الأكثر المستعمل منع، وإن كان الأقل لم يمنع. انتهى.

ونبين ـ أيضا ـ أن بدن المغتسل كالعضو الواحد، والماء لا يحكم بكونه مستعملا إلا إذا انفصل عن العضو، ومن ثم، فإن المغتسل حين يصب الماء على بدنه لا يحكم بكون الماء المتساقط من أعلى البدن إلى أسفله مستعملا لكونه لم ينفصل عن العضو، قال النووي ـ رحمه الله: حكم الاستعمال إنما يثبت بعد الانفصال عن العضو، وبدن الجنب كعضو واحد، ولهذا لا ترتيب فيه. انتهى مع حذف يسير.

وبهذا يندفع ما ورد في السؤال من إشكالات ويظهر أن مذهب الجمهور لا يرد عليه ما ذكر من المسائل ـ والحمد لله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني