الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تسديد ديون الميت أقساطا

السؤال

توفى زوجي ولم أعلم كل ما عليه من ديون، ولا أعلم من أصحاب الديون. فماذا أفعل حتى لا تظل روحه معلقة؟ وهل يجوز التقسيط في ما علمته من ديون؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن عليكم أن تبادروا بقضاء دين ميتكم إن كان ترك ما يقضي به الدين، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ. رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه.

والديون التي تعلمون أصحابها تترك كما كانت، وتجب المبادرة إلى سدادها ولا يجوز تقسيطها إلا إذا أذن لكم أصحابها بذلك، والديون التي لم يحل أجلها فقد اختلف الفقهاء فيها هل يحل الأجل بموت المدين أم يبقى أجلها؟ على قولين.

فذهب الشافعية والحنفية والمالكية في المشهور عندهم أن الدين المؤجل يحل أجله بموت المدين، وذهب الحنابلة إلى أنه لا يحل بموت المدين. فعلى قول الجمهور يجب تسديد الديون المؤجلة على زوجك أيضا لأنها صارت حالة بموته ولا يجوز تقسيطها إلا إذا أذن أصحابها بذلك.

وأما الديون التي لا تعلمون أصحابها فإن تحققتم أن عليه دينا وجهلتم صاحبه فيجب إبقاء ذلك الدين أمانة عندكم حتى تتمكنوا من معرفة صاحبه، فإن أيستم من الوصول إلى صاحبه فتصدقوا به عنه.

جاء في مطالب أولي النهى: وَيَتَصَدَّقُ مَدْيُونٌ بِدُيُونٍ عَلَيْهِ جَهِلَ أَرْبَابَهَا بِبَلَدِهِ الَّتِي اسْتَدَانَ مِنْ أَهْلِهَا نَصًّا، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ : الدُّيُونُ الْمُسْتَحَقَّةُ كَالْأَعْيَانِ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْ مُسْتَحَقِّيهَا ، وَنَصُّهُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ : مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدَائِعُ ، فَوَكَّلَ فِي دَفْعِهَا ثُمَّ مَاتَ ، وَجُهِلَ رَبُّهَا ، وَأَيِسَ مِنْ الْإِطْلَاعِ عَلَيْهِ يَتَصَدَّقُ بِهَا الْوَكِيلُ وَوَرَثَةُ الْمُوَكِّلِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي كَانَ صَاحِبُهَا فِيهِ حَيْثُ يَرَوْنَ أَنَّهُ كَانَ . اهـ

وبعض الفقهاء قال يدفعها إلى الحاكم إذا كان عادلا. وهذا ما لا يوجد في أكثر بلاد المسلمين فالفساد المالي ينخر البلدان شرقا وغربا إلا من رحم الله.

وهذا كله فيما إذا كان قد ترك ما يقضي به دينه أو بعض كما قدمنا وإلا لم يجب القضاء عنه، ومن فعل فهو محسن متبرع ولا يلزمه الفور ولكنه أنفع للميت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني