الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة وابنين وبنت ويوجد وصية ولم يحج

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:للميت ورثة من الرجال: (ابن) العدد 2.للميت ورثة من النساء: (بنت) العدد 1.(زوجة) العدد 1.وصية تركها الميت تتعلق بتركته، هي: يورث الذكور فقط، منهم أيضًا حفيدان لابنين للميت توفيا أثناء حياته.معلومات عن ديون على الميت: لم يحج مع استطاعته مادياً، ولم يحج عنه أحد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجب أولاً قبل الوصية وقبل قسمة التركة على مستحقيها أن يتم سداد الدين الذي على الميت، ويخرج أيضاً من التركة ما يحج به عن الميت، لأن هذه ديون على الميت وهي مقدمة على حق الورثة في المال، كما بينا ذلك في الفتوى: 6159.

وإن ضاقت التركة عن الجمع بين سداد دين الآدمي وبين إخراج ما يحج به عنه، فقد تعددت أقوال الفقهاء في أيهما يقدم حق الله تعالى أم حق العباد؟ وقد ذكرنا أقوالهم في الفتوى: 135663 فراجعها.

وما ذكرته من أمر الوصية غير واضح، وإن كان المقصود أن يرث الذكور من أولاده مع حفيدين توفي أبواهما في حياته، ولم يحدد قدر ما يرثه الحفيدان. بأن يرث الذكور فقط، وحرمان البنت. هي وصية جائرة لا عبرة بها، وقد عدها بعض العلماء من كبائر الذنوب التي يستحق بها الموصي العذاب الأليم.

قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة العشرون بعد المائتين... عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: الإضرار في الوصية من الكبائر. رواه الدارقطني، قال ابن أبي حاتم الصحيح وقفه. وروى أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليعمل بعمل الخير سبعين سنة وإذا أوصى جار في وصيته فيختم له بشر عمله. انتهى.

ووصيته بأن يرث أحفاده تعتبر وصية لغير وارث وهي وصية نافذة، ولكن بما أنه لم يبين مقدار الموصى لهم به، فإن تقديره يرجع إلى الورثة ويعطونهم ما يشاؤون.

قال في كشاف القناع: وإن وصى له أي لزيد مثلاً بجزء أو حظ أو قسط أو نصيب أو شيء أعطاه الوارث ما شاء، قال في المغني: ولا أعلم فيه خلافاً لأن كل شيء جزء ونصيب وحظ شيء. وكذلك إن قال أعطوا فلاناً من مالي أو ارزقوه.. انتهى.

فيعطي الورثة الحفيدين ما شاؤوا ويقسمون الباقي بينهم القسمة الشرعية.

وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لزوجته الثمن -فرضاً-؛ لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ.. {النساء:12}، والباقي للبنت والابنين -تعصيباً- للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ... {النساء:11}، فتقسم التركة على أربعين سهماً:

للزوجة ثمنها خمسة أسهم.

ولكل ابن أربعة عشر سهماً، ولكل بنت سبعة أسهم.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني