الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توضأ بماء تغير طعمه ورائحته فهل عليه إعادة الصلوات؟

السؤال

ساعدوني وبسرعة: أريد معرفة حكم الوضوء بماء فيه ورق سدر ومبشور المسك حتى غير طعمه ورائحته أعرف أن الماء: طاهر، وطهور، ونجس، وأن الماء إذا اختلط بما يغير لونه، أو طعمه، أو رائحته لا يطهر وتوضأت بهذا الماء أكثر من مرة نسيانا مني، والمعلومة غابت عني تماما، وإذا كانت علي الإعادة فكيف أعيد وأنا لا أذكر كم مرة توضأت بهذا الماء ولا الفروض التي توضأت فيها، ذلك أنني أتوضأ كل فرض بفرضه فلا مجال أن أحسبها بالأيام؟ مشكورين مأجورين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فإن التطهر بالماء المتغير بالسدر، أو غيره من الطاهرات، غير الملازمة للماء مختلف فيه بين الفقهاء فالجمهورعلى أنه لا يجوز التطهير به، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه وهي التي اختارها أكثر متأخري الحنابلة، وحجتهم أن هذا ليس ماء مطلقاً، فلا يدخل في قوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاء {النساء:43}.
وأصحاب هذا القول استثنوا من ذلك حالات، منها: إذا كان التغير حاصلاً بشيء يشق صون الماء عنه كورق الشجر، أو كان بطول مكث الماء في الأرض، أو كان بشيء لا يمازج الماء كالدهن وقطع الكافور، أو كان بالرائحة المجاورة، على خلاف بينهم في بعض التفاصيل المتعلقة بهذه المسائل المستثناة.
والقول الثاني: أن هذا الماء المتغير بشيء من الطاهرات، يصح التطهير به ما دام يسمى ماء ولو بالتقييد كأن يقال: ماء ورد، أو ماء زهر، وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد في الرواية الأخرى عنه، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية هذا القول وكذلك ابن القيم ـ رحمهما الله تعالى ـ فعلى القول الأول وهو قول الجمهور تلزم إعادة ما أدي من الصلوات بالطهارة بهذا الماء ونحوه، فإن جهلت أعيانها، أو عددها لزم أن يؤدى من الصلوات ما يغلب على الظن براءة الذمة به، وعلى هذا القول الثاني لا قضاء على من توضأ بماء متغير بسدر ومسك ما دام يسمى ماء، ولكن ينبغي أن يتجنب ذلك مستقبلا، نظرا لقوة الخلاف، فإن عدم طهوريته مذهب الكثير من أجلاء الأئمة والفقهاء، ففي شرح زاد المستقنع في الفقه الحنبلي عند قول المؤلف: فإن تغيّر لونه، أو طعمه أو ريحه بطبخ، أو ساقط فيه فطاهر: أي طاهر غير مطهر، فهو طاهر في نفسه ليس بنجس، لكنه ليس بمطهر وهذا هو المذهب وهو مذهب جمهور أهل العلم.
وأن الماء إذا وقع فيه شيء من الطاهرات فغيّر رائحته، أو طعمه، أو لونه فإن الماء طاهر وليس بطهور فهو طاهر في نفسه وليس بمطهر لغيره، فعلى ذلك على المذهب لا يزيل النجس ولا يرفع الحدث، قالوا: لأن الماء ليس بماء مطلق، بل هو ماء أضيف إليه شيء فهو ليس ماء مطلقاً، بل ماء مضاف إليه مادة أخرى، هذا هو قول المذهب وهو مذهب الجمهور ـ كما تقدم.
ـ والقول الثاني: وهو مذهب أبي حنيفة وأحد الروايتين عن الإمام أحمد بل قال شيخ الإسلام: إن أكثر نصوص أحمد على هذا أي على القول: بأنه طهور، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام وابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم من المحققين، قالوا: الماء طهور، فكما أنه طاهر في نفسه فهو مطهر لغيره ما دام باقياً على مسماه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني