الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تطيع والدها في خلع النقاب والخروج للعمل؟

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنة، درست بفرنسا، وقد عدت منذ 7 أشهر إلى وطني والحمد لله بعد أن هداني الله، عدت وأنا أنوي العمل مع والدي ومساعدته في مشروع عائلي هو بصدد إنجازه منذ سنين، وهو بعث مصحة، وأنا أنوي أن أجعل من هذا المشروع بابا للخير والدعوة ـ بإذن الله ـ غير أنني منذ بدأت العمل، أصبحت أرى في عملي معاصي كثيرة ـ اختلاط، متبرجات، قروض ربوية لتمويل المشروع ـ فقررت في بداية الأمر أن أساعد والدي على بعثه ثم أنسحب لبعث مشروع خاص بي يكون على منهج السلف بإذن الله، ثم هداني الله إلى النقاب، وبعد أن درست الأدلة على وجوبه واستحبابه اطمأن قلبي للبسه والحمد لله، وأصبحت أرى وجوبه لتجنب العديد من الفتن في مجتمعنا ومحيطي العائلي غير الملتزم وإن كان محافظا، كما توقعت رفض والدي ذلك رفضا تاما، ولم يسمح لي حتى بتوضيح وجهة نظري، وحاولت إقناعه عن طريق الأهل والأقارب لكن دون جدوى فهو يرى أنه فرض على نساء الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه سيجلب لي مضارا عديدة في مجتمعنا، وهو يخشى خاصة الاضطهاد الذي قد تعرفه البلاد في المستقبل، وقررت حتى لا أعصيه ولا أغضب الله عز وجل أن أبقى في المنزل وأن لا أقابل الأجانب إلى أن يرزقني الله مخرجا، وقد كان لهذا أثر كبير على والديّ اللذين لا يقبلان إلى اليوم هذا القرار ويريان أنني أعبث بحياتي ومستقبلي، ويضغطان علي أحيانا حتى أعود إلى العمل، وأحيانا يتجاهلان وضعي طمعا أن أملّ من البقاء في المنزل وأتراجع بذلك عن قراري، وهو مقتنع بقراره ولا يقبل النقاش، وقد أثر هذا الوضع على والدتي وأخواتي ليس لي إخوة وكل القرارات بيد والدي، وفي فترة قصيرة تقدم لخطبتي والحمد لله من رضيت به كفؤا لي، وقد وافق والدي في بداية الأمر لما علمه عنه من دين وخلق ونسب، ولكن اشترط علي في البداية التخلي عن النقاب والعودة إلى العمل حتى يزوجني فرفضت، وبعد شهرين على هذه الحال رفض والدي الخاطب خاصة وأن مخاوفه ازدادت لمّا رأى مظاهر الهدي الظاهر عليه، وعلم أنه مقتنع بوجوب النقاب والحمد لله، وهو يخشى من ناحية من التطورات الأمنية لما علمه من مضايقات يتعرض لها الملتحون والمنتقبات، ويخاف من ناحية أخرى أن نتعصب أكثر لهذا المنهج على حد تعبيره، وما يقلقني هو أن والدي يرفض أن يزوجني من أي شخص يتبع منهج السلف لنفس الأسباب التي ذكرتها، ويفضل أن أبقى في المنزل إلى أن أرضخ، فماذا علي فعله؟ وهل أنا مذنبة في حق والدي؟ وهل في تشبثي برأيي وما يرتاح إليه قلبي ورفضي للعمل معهما في تلك الظروف عقوقا لهما؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا تلزمك طاعة والدك في خلع النقاب والخروج للعمل، ولا سيما وأنت معتقدة وجوب تغطية الوجه، بل لا يجوز لك طاعة والديك في ذلك، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف، وراجعي حدود طاعة الوالدين في الفتوى رقم: 76303.

ولا حق لوالدك في منعك من التزوج بكفئك وإذا فعل ذلك كان عاضلا لك، ومن حقك رفع الأمر للقاضي الشرعي أو من يقوم مقامه عند فقده ليزوجك أو يأمر وليّك بتزويجك، كما بيناه في الفتوى رقم: 79908.

لكن على كل الأحوال عليك بر والديك وطاعتهما في المعروف، فإن حق الوالدين عظيم، واعلمي أنك إن صبرت والتزمت حدود الله فلن يضيعك الله أبداً، قال تعالى: إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين {يوسف: 90}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني