الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الردة هي شرح الصدر بالكفر

السؤال

أرجو معرفة هل هذه الأشياء مكفرة أم لا؟ لي صديق عنده سيارة ماركة شيفروليه وعلامتها صليب، طلب مني الركوب معه لكني تحججت وكذبت عليه وقلت إني سأفعل كذا حتى لا أركب معه فأكون كافرا للرضا بالصليب، ولم أقل له إن استخدام هذه السيارة كفر لما عليها من صليب، وفي مرة أخرى كان يتم توزيع أوراق عليها عيد الأضحى المبارك، وكان هناك بعض أصدقائي يلقون بهذه الأوراق على الأرض، فكنت أتظاهر أني لا أعرف ما بها وآخذها من على الأرض وأضعها في جيبي للتخلص منها بطريقة شرعية، ولم أقل لهم إن هذا الفعل من أفعال الكفر، و بعدها بقليل كانت هناك ورقة ملقاة على الأرض لا أعرف ما بها، ولكن احتمال قوي أن يكون بها نفس الكلمة فلم أفتحها لأعرف ما فيها ولم آخذها، أخشى أن أكون قد خجلت من الدين في الموقفين الأول والثاني فأكون قد كفرت، أو أن أكون قد كفرت في الموقف الثالث لأني لم أتحقق من الورقة فإنما عندي وسوسة شديدة في مسألة الكفر، وأرجو أن تدعو لي أن يشفيني الله ويبعد عني الوساوس.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فليس مجرد الركوب رضا بالصليب ولا مما يكفر فاعله، ولا يقع الكفر أيضا بتركك ورقة لم تدر ما فيها، لأن الردة هي شرح الصدر للكفر، كما قال الله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. { النحل:106}.

ومن دخل في الإيمان بيقين لا يخرج منه إلا بيقين، وقد ذكر أهل العلم أيضا أن من فعل ما يحتمل الردة وغيرها لا يكفر بذلك، كما قال علي القاري في شرح الشفا: قال علماؤنا، إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه فينبغي للمفتى والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة. رواه الترمذي والحاكم. اهـ.

فلعل ما ذكرنا لك يفيدك في علاجك من هذه الداء الوبيل، ونسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية. وأعنا على نفسك بالإعراض عن الوساوس مطلقا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني