الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يكتفى بشاهد واحد في الحدود؟ وهل يصير المدعي شاهدا؟

السؤال

السؤال فضيلتكم هو: هل تقبل شهادة الرجل الواحد حتى وإن كان هذا الرجل معروفا بالعدل والخلق على شخص آخر فى حد من حدود الله كبقية الحدود غير الزنا ؟ أم أنه لو ادعى هذا الشخص على الآخر فهل يكون بمثابة شاهد واحد أم أنه خصم يلزمه أشخاص آخرون للشهادة معه على فلان؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا تكفي شهادة الرجل الواحد في الحدود.

فقد قال السرخسي في المبسوط: ولا يجوز أقل من شاهدين في الحقوق بين الناس ولا في الجراحات ... ولو كان يجوز شهادة رجل واحد لم يكن لخزيمة بن ثابت رضي الله عنه فضل في شهادته, وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين خصه بذلك ... ثم هذا النوع من الشهادة ينقسم ثلاثة أقسام في اشتراط العدد فقسم يشترط فيه عدد الأربعة في الشهود وهو الزنا الموجب للحد ثبت ذلك بقوله تعالى: { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم }. وقوله تعالى: { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء }. ولا يشترط عدد الأربعة فيما سوى الزنا العقوبات وغير العقوبات في ذلك سواء, وليس في ذلك معنى سوى أن الله تعالى يحب الستر على العباد ولا يرضى بإشاعة الفاحشة فلذلك شرط في الزنى زيادة العدد في الشهود; ولهذا جعل النسبة إلى هذه الفاحشة في الأجانب موجبا للحد , وفي الزوجات موجبا للعان بخلاف سائر الفواحش لستر العباد بعضهم على بعض .... وفي قسم يشترط فيه شهادة رجلين وهو القصاص والعقوبات التي تندرئ بالشبهات . ... اهـ.

وجاء في المغني لابن قدامة : مسألة ; قال : ( ولا يقبل فيما سوى الأموال , مما يطلع عليه الرجال , أقل من رجلين ) وهذا القسم نوعان ; أحدهما , العقوبات , وهي الحدود والقصاص فلا يقبل فيه إلا شهادة رجلين , إلا ما روي عن عطاء , وحماد , أنهما قالا : يقبل فيه رجل وامرأتان ; قياسا على الشهادة في الأموال . ولنا , أن هذا مما يحتاط لدرئه وإسقاطه, ولهذا يندرئ بالشبهات , ولا تدعو الحاجة إلى إثباته , وفي شهادة النساء شبهة, بدليل قوله تعالى : { أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } . وأنه لا تقبل شهادتهن وإن كثرن , ما لم يكن معهن رجل , فوجب أن لا تقبل شهادتهن فيه . ولا يصح قياس هذا على المال , لما ذكرنا من الفرق . وبهذا الذي ذكرنا قال سعيد بن المسيب , والشعبي , والنخعي , وحماد , والزهري , وربيعة , ومالك , والشافعي , وأبو عبيد , وأبو ثور , وأصحاب الرأي . واتفق هؤلاء وغيرهم على أنها تثبت بشهادة رجلين , ما خلا الزنى , إلا الحسن ; فإنه قال : الشهادة على القتل , كالشهادة على الزنى ; لأنه يتعلق به إتلاف النفس , فأشبه الزنى . ولنا , أنه أحد نوعي القصاص , فأشبه القصاص في الطرف , وما ذكره من الوصف لا أثر له , فإن الزنى الموجب للحد لا يثبت إلا بأربعة , ولأن حد الزنى حق لله تعالى يقبل الرجوع عن الإقرار به .... قال أحمد , ومالك , في الشاهد واليمين : إنما يكون ذلك في الأموال خاصة , لا يقع في حد , ولا نكاح , ولا طلاق , ولا عتاقة , ولا سرقة , ولا قتل . اهـ.

وأما المدعي فلا يعد من الشهود لما في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن قذف امرأته : البينة أو حد في ظهرك . اهـ

وفي رواية الطحاوي : قال ائت بأربعة يشهدون , وإلا فحد في ظهرك .

وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه و سلم قال للمدعي: شاهداك أو يمينه. يعني يلزم أن تأتي بشاهدين وإلا حلف صاحبك.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه سلم قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم. متفق عليه.

قال الصنعاني في السبل: والحديث دال على أنه لا يقبل قول أحد فيما يدعيه لمجرد دعواه بل يحتاج إلى البينة أو تصديق المدعى عليه ...اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني