الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل القائم على الغش والخديعة لا يجوز البقاء فيه

السؤال

أعمل في شركة هندسية نقوم بعمل بعض الاختبارات والحفر وما شابهها فيقومون بتسعير أمتار الحفر السليمة بمبلغ ولكن فعليا عند الحفر يقوم بحفر الأمتار مكسورة وتتم فبركة الصور للأمتار المحفورة إذا العميل طلب وإذا لم يطلب لا تتم الفبركة هذا الإجراء ليس في كل المشروعات لكن بنسبة 50% تقريبا وهذا ما يحقق ربحا يتم دفع الرواتب من خلاله والأرباح للعامليين، وبالنسبة للاختبارات نقوم بتأليفها في حالة أن الأمتار مكسرة، مع العلم أننا تكلمنا مع المدير وقد قال إننا نحاول أن نعدل نسب هذه الطريقة بحيث نقوم بعمل أمتار سليمة ولا تتم فبركة أي اختبارت، لكن لا نستطيع دائما أن نقوم بذلك فجميع من يعمل في مثل هذه الشركات تقوم بعمل نفس الشيء، فأنا لا أحلل ولا أحرم إنما أوضح الأمر مع العلم أننا نضع التوصيات بناء على ما تعلمنا أو من خلال كتب الثقات وبشكل لا يضر أحدا وبفضل الله لم يحدث ضرر لأحد حتى الآن، فهل ما أكسب من مال حلال أم حرام؟ ومن عليه الوزر؟ وهل لو جاء لي عمل لكنه أقل من مهنتي كمهندسة لكنه مال حلال تنصحني بأن أترك وضعي في هذا المكان، لأنني أخاف على عيالي، أتحدث معك كشخص يفقه أعلى منا في الدين وأنا لا أحب أن ينبت أولادي من حرام، أسالك عن رأي الدين في الأمر فأنا أعمل في الوظيفة الأولى وبها كل المميزات ومعروضة علي وظيفة أخرى لا تشمل الكثير من المميزات مقارنة بالأولى التي شرحتها، فاستخرت الله وطلبت من فضيلتكم المشورة فلا خاب من استشار
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا تجوز مخالفة ما اتفق عليه في العقد وعمل أمتار مكسرة وأخذ ثمن سليمة، لقولة تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا {الإسراء:34}.

أي الذي تعاهدون عليه الناس، والعقود التي تعاملونهم بها، فإن العهد والعقد كل منهما يُسأل صاحبه عنه، وقوله أيضا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}.

وقوله: لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء: 29}.

وقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.

وبناء عليه، فلا يجوز لك البقاء في العمل إذا كان البقاء فيه يستلزم فعل ما ذكرت من غش وخديعة وأكل لأموال الناس بالباطل، ولا اعتبار لكون ذلك الفعل لم يضر أحدا ولن يضره، وإنما العبرة بالعقد، ولا يغرنك كثرة ما تحصيلنه من كسب وامتيازات في هذه المهنة، مقارنة بما قد تحصلينه من غيرها من العمل المباح، قال الله تعالى: قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:100}.

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ـ وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ـ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه، حرام، وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له. رواه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني