الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يجوز من الاختلاط في ضوء االكتاب والسنة

السؤال

طرحت هذا السؤال على الفتاوى الحية ثم انقطع الاتصال قبل أن أطلب الدليل من المفتي من كتب الفقه، واسمحوا لي على هذا الأسلوب، لأنه يصعب إقناع الشباب بدون دليل, بارك الله فيكم، والسؤال هو: نحن جمعية في فرنسا ونريد أن ننظم في آخر السنة الدراسية حفلة للصغار تكون فيها ألعاب وأطعمة، وأيضا تكريم أحسن التلاميذ بهدايا, ونريد أن نجعل من هذا الحفل حدثا يحضره الآباء والأمهات والأبناء من المسلمين والكفار, وهذا في قاعة للحفلات, فهل يجوز ذلك، لأن أحد الإخوة اعترض علينا بحجة أن فيه اختلاطا وهذا لا يجوز، وجواب المفتي هو: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فليس الاختلاط الممنوع هو مجرد وجود الرجال والنساء تحت سقف واحد أو في مكان واحد إذا انضبط الجميع بالضوابط الشرعية، من حجاب وحشمة وعدم خلوة وعدم خضوع بالقول، وعدم مماسة أو مصافحة وغض الجميع من أبصارهم، وإنما الاختلاط الممنوع هو ما لا ينضبط بالضوابط الشرعية والآداب الإسلامية، كما هو الحاصل اليوم في كثير من البلدان في الجامعات والمدارس، وعليه فلا بأس عليكم بإقامة هذا الحفل على الوجه الذي ذكرتم إذا توافرت الضوابط التي أشرنا إليها، بل نرجو أن تكونوا مأجورين على ذلك، لأن هدفكم هو توصيل القيم الإسلامية للحاضرين، نسأل الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فوجود الرجال والنساء في مكان واحد جائز إذا أمنت الفتنة وروعيت ضوابط الشرع، والأدلة على جواز ذلك مستفيضة في الكتاب والسنة وكلام أهل العلم، فمنها أن النساء كانوا يصلون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف الرجال من غير حائل، ومنها خروج بعض النساء مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات، ففي صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا، فَيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى.

قال النووي رحمه الله: فِيهِ خُرُوجُ النِّسَاءِ فِي الْغَزْوِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِنَّ فِي السَّقْيِ وَالْمُدَاوَاةِ وَنَحْوِهِمَا، وَهَذِهِ الْمُدَاوَاةُ لِمَحَارِمِهِنَّ وَأَزْوَاجِهِنَّ وَمَا كَانَ مِنْهَا لِغَيْرِهِمْ لَا يَكُونُ فِيهِ مَسُّ بَشَرَةٍ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وَيَجُوزُ الاخْتِلاطُ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ حَاجَةٌ مَشْرُوعَةٌ مَعَ مُرَاعَاةِ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ وَلِذَلِكَ جَازَ خُرُوجُ الْمَرْأَةِ لِصَلاةِ الْجَمَاعَةِ وَصَلاةِ الْعِيدِ، وَأَجَازَ الْبَعْضُ خُرُوجَهَا لِفَرِيضَةِ الْحَجِّ مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ مِنَ الرِّجَالِ، كَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ مُعَامَلَةُ الرِّجَالِ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَقَدْ سُئِلَ الإِمَامُ مَالِكٌ عَنِ الْمَرْأَةِ الْعَزَبَةِ الْكَبِيرَةِ تَلْجَأُ إِلَى الرَّجُلِ فَيَقُومُ لَهَا بِحَوَائِجِهَا، وَيُنَاوِلُهَا الْحَاجَةَ، هَلْ تَرَى ذَلِكَ لَهُ حَسَنًا؟ قَالَ: لا بَأْسَ بِهِ، وَلْيُدْخِلْ مَعَهُ غَيْرَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَلَوْ تَرَكَهَا النَّاسُ لَضَاعَتْ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني