الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السائق إن تسبب في قتل نفسه وقتل البعض وجرح آخرين فما الذي يلزمه ويلزم عاقلته

السؤال

عن الديات: حصل حادث تصادم بين أخي وشخص آخر، كان أخي يمشي في طريق يربط بين محافظتي الموصل وبغداد، وعبر شخص بسيارته الطريق بشكل خاطئ مما تسبب بالاصطدام، قتل أخي وابنته في الحادث وبقية العائلة جرحى، وقتل أيضا السائق من الطرف الثاني المتسبب بالحادث ودرجة التسبب 100بالمئة. ماذا يجب على العاقلة من الطرفين وكم هي الدية المفروضة على المتسبب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان ما حصل ناتجا عن خطأ وتعدي الشخص الذي دخل بسيارته خطأ- كما ذكرت- فإنه يتحمل مسؤولية نفسه وما ترتب على الحادث مِن دية مَن قتل من العائلة وأرش من جرح منهم، وتتحمل عاقلته دية من مات وأرش من جرح إذا كان جرحه يصل إلى ثلث الدية فما فوقة، وما كان دون ذلك فهو في مال الجاني عند أكثر أهل العلم.

جاء في المغني لابن قدامة: المسألة الخامسة : أنها لا تحمل ما دون الثلث . وبهذا قال سعيد بن المسيب , وعطاء , ومالك , وإسحاق , وعبد العزيز , وعمرو بن أبي سلمة وبه قال الزهري وقال : لا تحمل الثلث أيضا . وقال الثوري , وأبو حنيفة : تحمل السن , والموضحة , وما فوقها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الغرة التي في الجنين على العاقلة , وقيمتها نصف عشر الدية , ولا تحمل ما دون ذلك ; لأنه ليس فيه أرش مقدر . والصحيح عن الشافعي , أنها تحمل الكثير والقليل ; لأن من حمل الكثير حمل القليل , كالجاني في العمد . ولنا , ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قضى في الدية أن لا يحمل منها شيء حتى تبلغ عقل المأمومة . ولأن مقتضى الأصل وجوب الضمان على الجاني ; لأنه موجب جنايته , وبدل متلفه , فكان عليه , كسائر المتلفات والجنايات , وإنما خولف في الثلث فصاعدا , تخفيفا عن الجاني , لكونه كثيرا يجحف به , قال النبي صلى الله عليه وسلم : { الثلث كثير } . ففي ما دونه يبقى على قضية الأصل ومقتضى الدليل , وهذا حجة على الزهري ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الثلث كثيرا... اهـ

وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: وتحمل- العاقلة- من جراح الخطإ ما كان قدر الثلث فأكثر وما كان دون الثلث ففي مال الجاني.

ولا دية له هو لأنه المتسبب في قتل نفسه، وانظر الفتوى: 73297.
ولا شيء على أخيك إذا لم يكن بإمكانه تفادي الحادث، وبالتالي لا شيء على عاقلته؛ بناء على قاعدة "مالا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه، وأن من فعل ما يجوز له من غير تعد ولا تفريط ونشأ عن ذلك ضرر فلا ضمان عليه.

قال ميارة في التكميل: وكل من فعل ما يجوز له فنشأ الهلاك عن ما فعله

أو تلف المال فلا يضمن ما آل له الأمر وفاقا علما"

وانظر الفتوى:19279. وأما مقدار الدية في الشرع فأصله مائة من الإبل، وفيه تفصيل انظره في الفتاوى التالية أرقامها: 14696، 34509، 47399.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني