الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خير وسائل الدفاع لدرء أعاصير الفتن

السؤال

السلام عليكم أما بعد:لا يخفى عليكم مايتعرض له المسلمون وبخاصة الشباب من فتن عقائدية وأكاذيب تشوش على من لم يحصنوا أنفسهم بالعلم الكافي لدرء هذه الفتن حيث أن شيخ الاسلام ابن تيمية كان يضع يديه على أذنيه خشية الفتن فما هي المراجع أو الركائز الأساسية التي يرجع إليها المسلمون الغير متحصنين بالعلم الشرعي لدرء هذه الفتن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فطلب العلم فريضة على كل مسلم، كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.
ولطلب العلم أصوله التي يجب على طالبيه السير عليها والاهتمام بها، ومن أهمها وأولاها بالاهتمام تقوى الله عز وجل والخوف منه، ويتحقق ذلك بالإكثار من التعبد بفعل الطاعات، والإقلاع عن المعاصي والمحرمات.
ولابد من السير على المنهج الصحيح لطلب العلم باختيار عالم رباني يرشد الطالب ويوجهه ويؤدبه، فقد قيل قديماً: من كان شيخه كتابه غلب خطؤه صوابه.
وقيل: من دخل في العلم وحده خرج وحده. أي: من طلبه بلا شيخ خرج بلا علم، وقد نظم أحد العلماء في ذلك شعراً فقال:
يظن الغمر أن الكتب تهدي ===== أخـا فهم لإدراك العـلوم
وما يدري الجهول بأن فيها ==== غوامض حيرت عقل الفهيم
إذا رمت العلوم بغير شيـخ ===== ضللت عن الصراط المستقيم
وتلتبس الأمور عليك حتى ===== تصير أضل من توما الحكيم
ومن الصفات التي ينبغي أن تتوفر في الشيخ ما نقله الإمام الذهبي عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال: لا يؤخذ العلم عن أربعةٍ: سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس، وصاحب بدعة يدعو إلى هواه، ومن يكذب في حديث الناس وإن كنت لا أتهمه في الحديث، وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يُحدث به. ا.هـ من سير أعلام النبلاء.
فإذا كان طالب العلم يريد العصمة لنفسه من الزلل والخطأ، فعليه أن يلزم شيخاً تقيا عالماً، أما من لم يكن للتوسع في طلب العلم أهلاً أو كان عنه منشغلاً، فلا أقل من أن يعرف أحكام دينه التي لا يسعه جهلها كمعرفة توحيد الله تعالى، ومعرفة أحكام الطهارة والصلاة والزكاة والحج، فما لا يدرك كله لا يترك كله، ولا يلزمه معرفة ذلك بدليله، بل يكفيه أن يسأل أهل العلم الموثوقين، فقد قال تعالى: (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل:43]. لأنه يتعذر أن يكون كل واحدٍ مجتهداً في الدين، فكان لابد أن يوجد مفتٍ ومستفتٍ، ولكي تحصل العصمة لهذا الذي لا يقوى على طلب العلم، فيجب عليه أن يحسن اختيار من يفتيه، لاسيما إذا كثرت الفتن وتشعبت الأهواء وكثر الأدعياء، وقد بيَّن العلماء يرحمهم الله الشروط التي يجب أن يتصف بها المفتي، وهي ثلاثة:
الأول: الدين، وهو أن يمتثل الأوامر ويجتنب النواهي.
الثاني: العلم.
الثالث: الورع، وهو أن يترك الشبهات وبعض المباحات خوفاً من الوقوع في المحرمات، ومنه الخروج من الخلاف.
إذ لا ثقة بمن عدمت فيه واحدة منها، ويعرف حصولها بالإخبار عنه بذلك من الثقات، وانتصابه واشتهاره في الفتوى، والناس راضون بذلك، وقد نظمها صاحب مراقي السعود في قوله:
وليس في فتواه مفتٍ يتبع ===== إن لم يضف للدين والعلم الورع
من لم يكن بالعلم والعدل اشتهر ===== أو حصل القطع فالاستفتا انحظر
وراجع الفتوى رقم: 4174، والفتوى رقم: 4378، والفتوى رقم: 7677، والفتوى رقم: 8563.
والخلاصة: أن تقوى الله تعالى والتسلح بالعلم الشرعي هما أقوى ركن يأوى إليه المسلم، ويتهيأ به لمقاومة أمواج الفتن.
نسأل الله عز وجل أن يقينا وجميع المسلمين شرها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني