الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل يجوز شراء سلعة من بلدي الذي أعيش فيه ثم إرسالها لبلد آخر، وأجعل أحد أقاربي يتاجر بها وله نسبة على ذلك.
ويكون سعر بيعها في ذك البلد أغلى من سعر السلعة نفسها في بلدهم أو أقل منها ؟ وهل يكون هناك شيء لو كان سعر بيعها ضعف سعر شرائها ؟ وهل يجوز أن أضمن شراء المشتري لها دون أن يدفع المال بناء على الأوصاف البالغة الدقة من صور، وغيرها، مثل أن أقول له هناك جوال مثلا أوصافه كذا وكذا هل تريده مني أم لا؟ وأنا لم تصل إلي السلعة بعد لكني سأطلبها بناء على طلبه ولا أقبض منه المال حتى أسلمها له. فهل يجوز فعل ذلك ؟؟ أفتوني أفادكم الله وما الشروط اللازمة لفعلي هذا حتى يكون مباحا؟
شكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجوز لك شراء سلعة من بلد ما بسعر رخيص لكي تبيعيها رابحة ببلد آخر.

وإذا ملكت السلعة فلا حرج عليك أن ترسليها لبلد آخر لمن يتاجرون بها وتجعلي لهم على ذلك أجرا معلوما.
ولا حرج في الربح ولو بضعف شرائها ما دام المشتري راضيا بالثمن دون تدليس أو خديعة، فالربح في التجارة ليس له حدٌّ معين في الإسلام ومرده إلى تراضي البائع والمشتري، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ {النساء:29}. وقد جاء في السنة ما يبين مشروعية الربح مائة في المائة، ففي الحديث الذي رواه البخاري وغيره عن عروة بن الجعد، قال: عرض للنبي صلى الله عليه وسلم جلب فأعطاني ديناراً وقال: أي عروة ائت الجلب فاشتر لنا شاة. فأتيت الجلب فساومت صاحبه فاشتريت منه شاتين بدينار، فجئت أسوقهما فلقيني رجل فساومني فبعته شاة بدينار فجئت بالدينار وجئت بالشاة فقلت: يا رسول الله هذا ديناركم وهذه شاتكم... فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك له في صفقة يمينه.
وأما بيعك عن طريق الهاتف لسلعة غائبة عن المشتري، فإذا كان البيع وقع على شيء معين موجود عندك تملكينه فهو من باب بيع العين الغائبة الموصوفة، وقد اختلف الفقهاء في حكم بيع الغائب على أقوال:
فذهب أبو حنيفة وهو قول لمالك وقول للشافعي في القديم، ورواية عن أحمد إلى جواز بيع الغائب مع ثبوت الخيار للمشتري.
وذهب مالك في المشهور عنه وأحمد في أظهر الروايتين عنه إلى أنه لا يجوز إلا بالوصف أو الرؤية المتقدمة. وذهب الشافعي في الجديد إلى المنع مطلقاً.
وقد استدل من ذهب إلى جوازه بعموم قول الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة:275}.

وبما رواه الطحاوي في معاني الآثار أن عثمان وطلحة رضي الله عنهما تبايعا مالاً بالكوفة، فقال عثمان : لي الخيار، لأني بعت ما لم أر. وقال طلحة: لي الخيار لأني ابتعت ما لم أر. فحكما بينهما جبير بن مطعم، فقضى بالخيار لطلحة ولا خيار لعثمان رضي الله عنهما.
فدل ذلك على ثبوت الخيار للمشتري.
والقول بالجواز مع ثبوت الخيار هو أرجح هذه الأقوال، فعلى هذا فلا حرج إن شاء الله في عقد الصفقات التجارية على الهاتف مع ثبوت الخيار للمشتري بعد رؤية السلعة.

وأما بيعك لما لم تملكيه فهذا لا يجوز، لأنه من بيع الشخص ما ليس عنده، وقد صح النهي عنه، فقد أخرج أصحاب السنن من حديث حكيم بن حزام قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله: يأتيني الرجل فيسألني البيع ليس عندي أبيعه منه، ثم أبتاعه له من السوق، قال: لا تبع ما ليس عندك.

ولما أخرجه أبو داود وغيره عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لاَ يَحِلّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلاَ شَرْطَانِ في بَيْعٍ، وَلاَ رِبْحٌ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلاَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ.

قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن يبيع عينا لا يملكها، ليمضي ويشتريها، ويسلمها، رواية واحدة، وهو قول الشافعي ولا نعلم فيه مخالفاً. انتهى.
ولكنه يجوز في هذا إجراء عقد بيع سلم حسب شروطه الشرعية، وراجع في عقد السلم الفتوى رقم: 98125 .

ويمكن التعامل مع الزبون على أنك ستبحثين له عنها ويعطيك أجرا معلوما على بحثك وهذا ما يسمى بالسمسرة، ويمكنك أن تراجعي في أحكام السمسرة الفتوى رقم: 50615.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني