الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رضا الزوجة بمهر رمزي ومطالبة والدها بكامل المهر

السؤال

عقدت قراني مؤخرا على شاب، وتمّ عقد القران مع توفر جميع الشروط اللازمة لصحّته بما في ذلك الإشهار، إلا أن الدّخلة تقررت بعد حوالي شهرين، واشترى لي زوجي في فترة الخطوبة ذهبا وقدّم لي مالا يعينني على تجهيز نفسي ـ كما جرت العادة عندنا ـ وقبل العقد بأيام عرض عليّ أن يحفظ نصيبا من القرآن مهرا لي، فوافقت، وكما جرى العرف عندنا فقد قدّم مهرا رمزيا لحظة كتابة عقد القران، ولم نتّفق مع والديّ على غير ذلك، وبعد أيام من العقد فوجئت بأبي يطالبني أن أسأل زوجي عن المهر، ثم وجدت أمي تقول لي إنه من عاداتنا أن يقدّم الزوج لزوجته مالا تنفقه على زينتها ليلة الدّخلة، رغم أنني أفهمتهما أنني قد تنازلت عن ذلك خاصة وأنه لم يرد هذا في اتفاقنا قبل العقد وأنه يستحسن مراعاة ظروف زوجي المادية وعدم إثقال كاهله، إلا أن أبي غير مرتاح لرأيي ويريدني أن أطالب زوجي بمال، فهل صداقي يعتبر ناقصا، بالنظر إلى موقف أبي؟ وهل يجوز مع هذا استمتاع زوجي بي مع تجنّب الجماع الكامل، ولو بغير رضى أهلي؟ وما هي ضوابط ذلك؟ وجزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم ونفع الله بكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنود أن ننبه أولا إلى أن ما يدفعه الزوج لزوجته من الشبكة ونحوها يختلف الحكم فيه باختلاف أحوال سبق بيانها بالفتوى رقم: 17989.

وما ذكر من حفظ القرآن إن كان المقصود به أن يحفظ الزوج نصيبا من القرآن فلا يعتبر هذا مهرا، وإن كان المقصود به أن يحفظ زوجته، ففي جواز ذلك خلاف سبق بيانه بالفتوى رقم: 73027.

وما أسميته بالمهر الرمزي إن جرى العرف بأنه المهر كله فذاك، وإن جرى العرف بأنه جزء من المهر وارتضيته مهرا فلك ذلك، لأن المهر حق خالص للمرأة، فلها الحق في التنازل عنه كله أو عن جزء منه ما دامت بالغة رشيدة، قال ابن قدامة في المغني: وإذا عفت المرأة عن صداقها الذي لها على زوجها أو عن بعضه، أو وهبته له بعد قبضه، وهي جائزة الأمر في مالها جاز ذلك وصح، ولا نعلم فيه خلافا، لقول الله تعالى: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ {البقرة: 237} ـ يعني الزوجات ـ وقال تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء: 4}. اهـ.

وقال القرطبي في تفسيره: واتفق العلماء على أن المرأة المالكة لأمر نفسها إذا وهبت صداقها لزوجها نفذ ذلك عليها. اهـ.

ولا شك في أن مراعاة حال الزواج وتيسير أمر زواجه أمر طيب، ومن أسباب بركة الزواج، وإذا عقد للرجل على المرأة العقد الشرعي فقد أصبحت زوجة له، فيحل له منها ما يحل للزوج من زوجته بما في ذلك الوطء، ولا اعتبار لرضا أهل الزوجة من عدمه، وينبغي للزوج مراعاة ما يجري من عرف في تأخير الدخول، كما أسلفنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 61470.

ويجوز للزوجة أن تمتنع من تسليم نفسها للزوج حتى يؤدي إليها مهرها، كما بينّاه في الفتوى رقم: 63572.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني