الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخذ الفتوى من أهلها ليس تتبعا للرخص

السؤال

عندما أريد أن أعرف الحكم الشرعي في مسألة ما فإنني آخذها من موقعكم الرائع، لأنني أثق به، سواء هنا بقسم الفتاوي أو بقسم الاستشارات، ولأنني أرتاح لإفتاء الشيوخ الكرام كثيرا، وأراه ميسرا ويدل على أن الإسلام يسر، فهل أكون من متتبعي الرخص ـ لا سمح الله؟ وسؤال آخر: وهو أنني عندما أقرأ وأحفظ القرأن دائما ـ والحمد لله ـ أحس أنني مراء، وهذا شعور يخنقني ويضايقني جدا، فماذا أفعل؟ وهل أتوقف عن القراءة والحفظ؟ وأشكركم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس في أخذك للفتوى القائمة على التيسير والصادرة عن أهلها سواء من موقعنا أو غيره تتبع للرخص.

وأما ترك قراءة القرآن وحفظه مخافة الرياء فهو: من تلبيس الشيطان, وقد عده أهل العلم من الرياء, فقد قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - كما في شعب الإيمان: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما. اهـ

قال صاحب روح البيان: قال الفضيل: ترك العمل لأجل الناس رياء, والعمل لأجل الناس شرك, والإخلاص: الخلاص من هذين ـ معنى كلامه: أن من عزم على عبادة الله تعالى ثم تركها مخافة أن يطلع الناس عليه، فهو مراء، لأنه لو كان عمله لله تعالى لم يضره اطلاع الناس عليه, ومن عمل لأجل أن يراه الناس فقد أشرك في الطاعة، ويستثنى من كلامه مسألة لا يكون ترك العمل فيها لأجل الناس رياء, وهي إذا كان الشخص يعلم أنه متى فعل الطاعة بحضرة الناس آذوه واغتابوه, فإن الترك من أجلهم لا يكون رياء, بل شفقة عليه ورحمة. كما في فتح القريب.

وقال في شرح الطريقة: من مكايد الشيطان أن الرجل قد يكون ذا ورد ـ كصلاة الضحى, والتهجد, وتلاوة القرآن والأدعية المأثورة ـ فيقع في قوم لا يفعلونه, فيتركه خوفًا من الرياء, وهذا غلط منه، إذ مداومته السابقة دليل الإخلاص, فوقوع خاطر الرياء في قلبه بلا اختيار ولا قبول لا يضر, ولا يخل بالإخلاص, فترك العمل لأجله موافقة للشيطان, وتحصيل لغرضه. اهـ

فلا يينبغي ترك الاشتغال بالقرآن خوفًا من الرياء, بل ينبغي مواصلة الاشتغال به ومجاهدة الشيطان والنفس في عمل ذلك لوجه الله, وإذا قال الشيطان للشخص: أنت مراء ـ فليعرض عن وسوسة الشيطان, وليزد في التلاوة, قال الحارث بن قيس ـ رضي الله عنه ـ كما في تلبيس إبليس لابن الجوزي: إذا أتاك الشيطان وأنت تصلي فقال: إنك ترائي ـ فزدها طولًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني