الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعنى الشرعي للنهي وأنواعه

السؤال

ما المقصود بالنهي؟ وهل كل ما نهي عنه فهو حرام؟وما معنى قوله تعالى:(..ومانهاكم عنه فانتهوا..)الآية وجزاكم الله كل خير

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن المقصود بالنهي هو الكف والامتناع عن الفعل، وهو من الأعلى إلى من دونه، وهو يقابل الأمر ويضاده.
وللنهي صيغ منها: لا تفعل مثل :فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ [الإسراء:23]. "ولا" الناهية مثل:لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43].
والتحذير: مثل قوله صلى الله عليه وسلم: إياكم والجلوس في الطرقات..... رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه، ومنها: لفظ النهي، والترك، وما اشتق منهما...
والأصل في النهي من الشارع أن يكون للتحريم لقوله تعالى:وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].
وقوله تعالى:فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63].
ولقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم.
هذا هو الأصل، وربما يأتي للكراهة أو خلاف الأولى، وهو أقل مراتبه... ولابد أن يدل دليل على صرفه عن الأصل الذي هو التحريم، ويمثلون لذلك بالنهي عن الشرب قائماً، وأنه صلى الله عليه وسلم شرب قائماً يبين لنا أن النهي للكراهة والتنزيه لا للتحريم.
وقول الله تبارك وتعالى:وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].
يدل على هذه المعاني التي ذكرنا، وهو أمر من الله تعالى لنا بالأخذ بكل ما أمرنا به النبي صلى الله عليه وسلم، والابتعاد عن كل ما نهى عنه، وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: لعن الله الواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب فجاءت إليه فقالت: إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت! فقال: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله؟ فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول، فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت :وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].؟ قالت: بلى، قال: فإنه نهى عنه، قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه، قال: فاذهبي فانظري، فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئاً، فقال: لو كانت كذلك ما جامعتها.
وهكذا كان السلف الصالح يفقهون كتاب الله، ويفهمون أن كل أمر أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم أو نهى عنه إنما هو من عند الله تعالى، قال الله تعالى:وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:4].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني