الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعامل مع شركة (بحث الذهب) محرم لعدة اعتبارات

السؤال

هل هو محرم شرعا الالتحاق بشركة Gold Quest؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن وسائل الكسب المحرم في هذا الزمان قد كثرت وانتشرت حتى صار الناس لا يميزون بينها وبين الحلال لقلة العلم بالدين، ولانهماك الناس في طلب الدنيا دون النظر إلى الطريق الذي يوصلهم إلى ذلك، وصار أرباب الأموال يتفننون في الحصول على الأرباح الطائلة، مهما كلف ذلك غيرهم من الخسارة لأنهم لا يهتمون إلا بالربح فقط، لاسيما إذا كانوا من غير المسلمين، وكيف لا؟ وهم الموصوفون بالظلم إضافة إلى الكفر، كما قال تعالى:وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:254].
ولا شك أن السؤال عن الحلال والحرام قبل الإقدام عليه؟ من الواجبات المحتمات على كل مسلم، لأن الله تعالى لم يبح إلا الكسب الطيب، ونهى عن أكل كل خبيث، كما جاء في الحديث الذي رواه أحمد وغيره، عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل جسد نبت من سُحت، فالنار أولى به. وصححه الألباني 4519 صحيح الجامع.
كما أنه لا شك في أن مريد الآخرة لا بد أن يصبر عن متاع الحياة الدنيا، ويحرص على ألا يبيع دينه بدنياه.
ولقد ظهرت منذ فترة غير وجيزة شركة (بحث الذهب) (Gold Quest) والتي تأسست عام 1998م بواسطة اندماج مجموعة استثمارية من المملكة المتحدة، ودول إسكندنافيا، وفريق من رجال الصناعة الآسيوية، وقد انتشرت فروع هذه الشركة، في كل من ماليزيا والفلبين وأندونيسيا والهند ودبي، مع مقرها الرئيسي في (هونغ كونغ)
وقد عم بلاؤها على كثير من المسلمين، فانهمكوا فيها إلا من رحم الله ممن يحرصون على كسب الحلال، إذ بادروا بالسؤال عنها قبل الوقوع في براثنها.
وقد نظرنا في خطة عمل هذه الشركة، من خلال الملفات الخاصة بالدعاية لها، فوجدنا فيها من المخالفات الشرعية ما يكفي لتحريمها، وتأثيم من يتعامل معها، فضلاً عما يترتب عليها من إخلال بمبدأ العمل وطرق الكسب في الإسلام، والذي يؤدي بدوره إلى البطالة والحصول على المال بدون جهد مقابل، ومن أهم النقاط التي بنينا عليها القول بالتحريم:
أولاً: عدم التقابض في المجلس، وذلك أن الذهب لا يجوز بيعه بالنقود (الدولار) إلا إذا حصل التسليم والاستلام من الطرفين في مجلس العقد لأن الذهب والنقود من الأصناف الربوية، أما ما يحصل في هذه الصفقة فهو أن العملة (الذهب) لا تصل إلى مشتريها إلا بعد 45 يوماً من إجراء العقد تقريباً، وبهذا يكون العقد قد اشتمل على ربا النسيئة، ودليل ذلك القاعدة التي وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا النوع من البيع فقال: ... فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد. رواه مسلم عن عبادة بن الصامت.
فإن لم يكن يداً بيد فهو الربا المقطوع بتحريمه، وهذا واقع أيضاً في حالة شراء الذهب بالتقسيط، وهو أحد الخيارين في التعامل مع الشركة.
ثانياً: أن العميل دفع المال لا لرغبة في السلعة، وإنما دفعه رغبة في ثمرة العمل سمساراً لدى الشركة، وهذه الثمرة قد تحصل وقد لا تحصل، لأنها مرتبطة بأمر مجهول وهو إحضار عشرة زبائن، وهذا هو القمار بعينه، ويدل على أنه إنما دفع ما دفع رغبة في الحصول على هذه الثمرة لا رغبة في الشراء، أنه اشتراها بأكثر من ثمنها الحقيقي، ويُعرف ذلك حينما نحسب قيمة الأونصة ومقدارها 32 جراماً في الأسواق، ونقارنها بسعر بيعها عندهم وهو 800 دولار.
ثالثاً: أن هذه المنتجات التي تبيعها الشركة، تكون أحياناً مما يستعمل أو يتخذ على هيئة المستعمل، كالساعات والميداليات وغير ذلك، واستعمال الذهب والفضة واتخاذهما بهذه الصورة قد يتضمن محاذير شرعية بالنسبة لاستعمال الرجال عموماً، وبالنسبة لاستعمال النساء في غير ما يتحلى به والنبي صلى الله عليه وسلم يقول0: الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة، إنما يجرجر في بطنه نار جهنم. رواه البخاري ومسلم عن أم سلمة رضي الله عنها.
والحديث، وإن كان في تحريم الأكل والشرب فيهما، إلا أنه يقاس عليهما جميع أنواع الاستعمال، إلا الحلي للنساء.
رابعاً: العمل مع هذه الشركة يدعو إلى البطالة، والكسب بدون جهد، كما يؤدي إلى إثراء طائفة قليلة من المجتمع، مع إفقار أغلب طبقاته، والإسلام يهدف إلى رعاية المصالح العامة ولو تعارضت مع المصالح الفردية، ومن أجل ذلك حرم تلقي الركبان، وبيع الحاضر للبادي، لأن ذلك يتعارض مع المصلحة العامة، وإن كان فيه مصلحة فردية.
خامساً: أن هذه العملات التي يشتريها العملاء رجاء زيادة سعرها بمرور الزمان، غير مأمونه العاقبة، لأنها يسهل تقليدها من شركات أخرى، أو زيادة عددها من نفس الشركة، وليس هذا ببعيد، فالتزوير الذي يحصل في أموال الدول المحمية بالقوانين الدولية، يؤذن بأن حصوله لهذه الشركات أيسر وأسهل.
ونحن ننصح -بناءً على ما سبق- جميع المسلمين بأن يقاطعوا هذه الشركة، وألا يتعاملوا معها، لما فيها من إفساد دينهم، بالوقوع في المحرمات، وإفساد دنياهم باضطراب المعاملات، ومخالفة قواعد طرق الكسب المقررة شرعاً وعقلاً.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني