الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المنهي عنه من النظر إلى النساء

السؤال

هل أنا محاسب على بصري إذا ركزت عيني على الحرام، فعلى سبيل المثال: فعندما أسير في الشارع وأنظر إلى الأمام ومرت بجواري فتاة فإنني أركز على الطريق ومع ذلك فأنا أرى الفتاة بجواري؟ فهل أحاسب على ذلك؟ وماذا إن كان للضرورة بأن أكون في مركز تعليمي والمسؤول موظفة ـ فتاة ـ فأنا لا أركز ببصري عليها، بل أنظر إلى المكتب وأتابعها بالطريقة التي ذكرتها لحضراتكم حتى أحدثها فيما يخص المركز، فهل أنا آثم على ذلك؟ وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يوفقك لطاعته، وأن يعينك على غض بصرك، واعلم أن ما يُنهى عنه هو إطلاق البصر، أو استدامته، لا ما حصل بغير اختيار، فعن جرير قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة، فأمرني أن أصرف بصري. أخرجه مسلم.

وروى الترمذي وأبوداود عن ابن بريدة، عن أبيه، رفعه قال: يا علي: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة. وحسنه الألباني.

جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود: فَقَالَ: اصْرِفْ بَصَرَكَ ـ أَيْ لَا تَنْظُرْ مَرَّةً ثَانِيَةً، لِأَنَّ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَكُنْ بَالِاخْتِيَارِ فَهُوَ معفو عنها، فإن أدام النظر أثم، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أبصارهم ـ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ:... وَيَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْهَا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إِلَّا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ: وَيُرْوَى أَطْرِقْ بَصَرَكَ. قَالَ وَالْإِطْرَاقُ أَنْ يُقْبِلَ بِبَصَرِهِ إِلَى وَجْهِهِ، وَالصَّرْفُ أَنْ يَفْتِلَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ وَالنَّاحِيَةِ الْأُخْرَى ـ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ ـ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النظرة من اتباع أَيْ لَا تُعْقِبْهَا إِيَّاهَا وَلَا تَجْعَلْ أُخْرَى بَعْدَ الْأُولَى، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى، أَيِ النَّظْرَةَ الْأُولَى إِذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ أَيِ النَّظْرَةُ الْآخِرَةُ، لِأَنَّهَا بَاخْتِيَارِكَ فَتَكُونُ عَلَيْكَ.

وعلم بهذا أنه لا يكفي عدم تركيز النظر ـ كما ذكرت ـ بل يلزم صرفه إلى جهة أخرى أو إطراقه، بحيث لا يقع البصر على المرأة، فإن حصل النظر بغير اختيارك، وأنت في حاجة إلى ذلك لعبور الطريق مثلا، فلا شيء عليك ـ إن شاء الله ـ وقد بينا في الفتويين رقم: 30016، رقم: 16879، وتوابعهما حدود الكلام مع المرأة، والنظر إليها.

وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 43020، 26418، 97460.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني