الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخمر بين نجاسة عينها وطهارتها

السؤال

ما حكم الخمر، والعطور التي تحتوي على الكحول؟ وهل هي نجسة نجاسة مادية؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الخمر نجسة نجاسة عينية، في قول أكثر أهل العلم، بل حكى بعضهم الإجماع على نجاستها، كما قال ابن مفلح في المبدع شرح المقنع: وهي نجسة إجماعًا، لكن خالف فيها الليث، وربيعة، وداود، وحكاه القرطبي عن المزني، فقالوا بطهارتها، واحتج بعضهم للنجاسة بأنها لو كانت طاهرة؛ لفات الامتنان بكون شراب الجنة طهورًا؛ لقوله تعالى: وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا [الإنسان:21]، أي: طاهرًا. وعلله في الشرح أنه: يحرم تناولها من غير ضرر، أشبه الدم. انتهى.

وقال النووي في المجموع - وهو شافعي -: الخمر نجسة عندنا، وعند مالك، وأبي حنيفة، وأحمد، وسائر العلماء؛ إلا ما حكاه القاضي أبو الطيب، وغيره عن ربيعة شيخ مالك، وداود، قالا: هي طاهرة، وإن كانت محرمة، كالسم الذي هو نبات، وكالحشيش المسكر. ونقل الشيخ أبو حامد الإجماع على نجاستها. انتهى.

ومما سبق تعلم -أخي السائل-؛ أن الخمر نجسة، على الراجح، وكذلك الأمر بالنسبة للعطور التي تحتوي على الكحول، وأن نجاستها عينية "مادية"، ومن لازم ذلك أنه لا يجوز التعطر بما فيه كحول؛ لما يترتب عليه من مباشرة النجاسة، والنجاسة ينبغي على العبد أن يحترز منها، ويتجنب مباشرتها، قال الصنعاني في سبل السلام: فكل نجس محرم، ولا عكس؛ وذلك لأن الحكم في النجاسة، هو المنع عن ملابستها على كل حال. انتهى.

ولمزيد فائدة حول استعمال العطور المشتملة على كحول، راجع الفتوى: 254، ولمزيد فائدة حول حكم الخمر والكحول إذا تحولت عن أصلها، راجع الفتوى: 16722، والفتوى: 6783.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني