الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم سب الدين وتكفير المشعوذ

السؤال

ذكرتم في الفتوى رقم: 195525 ما نصه: (وهذا لا يبعد عن حقيقة البرلمانيين إن أعطوا أنفسهم سلطة التشريع بما يخالف شرع الله تعالى، ورأوا أن ذلك يسعهم ويسوغ لهم)، ولكن هناك الكثير من البرلمانيين ممن يفعلون ذلك، ولكن كيف لنا أن نعرف أصلًا إن كان فلانًا أعطى نفسه سلطة التشريع بما يخالف شرع الله، ورأى أن ذلك يسعه ويسوغ له، فربما يكون هذا الشخص قد استحل الموضوع، وربما لم يستحل الموضوع، لكنه كان ممن يتبع هواه في الدنيا، ويعصي الله، والله فقط عالم الغيب، ويعلم إذا كانوا استحلوا الأمر أو لم يستحلوه؟ فإذا أحببت شخصًا برلمانيًا يمكن أن يشرع القوانين، ولم يتبين لي أنه يستحل الأمر أو لا يستحله، فهل أعتبر كافرًا في هذه الحالة؟ وهل أعتبر كافرًا بسبب هذه المحبة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تكلمنا على لعن الدين بالفتويين: 167817، 35322.

وأما المشعوذ فلا يحكم بكفره، حتى يثبت أنه يأتي في شعوذته بما يخرجه عن الإسلام، مع انتفاء موانع التكفير عنه، ومنها الجهل كما ذكر شيخ الإسلام.

وأما التوبة فتقبل -إن شاء الله- إذا اجتمعت شروطها، وكانت قبل الغرغرة؛ قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا. [النساء: 17، 18].

قال مجاهد: كل من عصى الله خطأً أو عمداً فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه الترمذي وقال: حسن غريب.

والآية المذكورة كما قال القرطبي عامة لكل من عمل ذنباً، وقد أمر الله تعالى عباده بالتوبة فقال عز من قائل: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31}. وقال تعالى مرغباً عباده في التوبة: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة:104}. وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى:25}. وقال تعـالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

وأما معرفة كونه تاب، فتعلم بالتحقق من ندمه على ذلك، ورجوعه عنه؛ ففي الحديث: الندم توبة. رواه أحمد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني