الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستعارة في النثر والشعر لا تدخل في باب الكذب

السؤال

أنا شاعر وأكتب بعض القصائد، وسؤالي عن حكم الاستعارة في كتابة الشعر كقول: تعجب البحر من قولي... وشكيت إلى قلمي... وقال الجدار كذا... ونحو ذلك، فهل هذا حلال؟ أم يدخل في الكذب؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالاستعارة جائزة في النثر والشعر، وهي: نقل العبارة عن موضع استعمالها في أصل اللغة إلى غيره لغرض، وذلك الغرض إما أن يكون شرح المعنى وفضل الإبانة عنه، أو تأكيده والمبالغة فيه، أو الإشارة إليه بالقليل من اللفظ، أو تحسين المعرض الذي يبرز فيه ـ كما ذكر ذلك أبو هلال العسكري في كتابه الصناعتين، ثم ذكر ـ رحمه الله ـ أمثلة لها من كلام العرب منها: يقولون: ضحكت الأرض، إذا أنبتت... ويقولون: ضحك السحاب بالبرق، وحنّ بالرعد، وبكى بالقطر... ويقولون: هذا شجر واعد، إذا أقبل بماء ونضرة، كأنه يعد بالثمر... ومثله قول الشاعر: يريد الرمح صدر أبي براء... ويرغب عن دماء بني عقيل.... ثم قال: فأما الاستعارة من أشعار المتقدمين فمثل قول امرئ القيس:
وليل كموج البحر مرخ سدوله ... علىّ بأنواع الهموم ليبتلي

فقلت له لما تمطّى بصلبه ... وأردف أعجازا وناء بكلكل. انتهى.

وقال ابن قتيبة ـ رحمه الله ـ في تأويل مشكل القرآن: تقول العرب إذا أرادت تعظيم مهلك رجل عظيم الشأن، رفيع المكان عامّ النفع، كثير الصنائع: أظلمت الشمس له، وكسف القمر لفقده، وبكته الرّيح والبرق والسماء والأرض، يريدون المبالغة في وصف المصيبة به، وأنها قد شملت وعمّت، وليس ذلك بكذب، لأنّهم جميعا متواطئون عليه، والسّامع له يعرف مذهب القائل فيه، ثم استدل بقول الشاعر: الشّمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك، نجوم اللّيل والقمرا ـ ثم قال: أراد: الشمس طالعة تبكي عليك، وليست مع طلوعها كاسفة النجوم والقمر، لأنّها مظلمة، وإنما تكسف بضوئها، فنجوم الليل بادية بالنهار. انتهى.
فالاستعارة من فنون كلام العرب، ولها أغراض متعددة وأمثلة كثيرة، وبالتالي فلا تعد من الكذب، وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 47074، ورقم: 122030.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني