الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صفة المخول بالإفتاء والاجتهاد القياس

السؤال

بارك الله فيكم.
السؤال: علمنا أن الرائحة القوية التي تدخل المعدة مثل الدخان، وغيره تفطر الصائم. فسألني صاحبي، وقال لي: هل رائحة البخور تفطر. فقلت له من اجتهادي الخاص: نعم، حيث إنني قست هذه على تلك.
هل يعتبر هذا اجتهادا أم إفتاء أنا آثم عليه إن كنت قد أخطأت (والحمد لله فقد قرأت عندكم أن كلامي كان صحيحا)؟
هل يجوز لنا أن نقيس الأمور بنية الاجتهاد وليس الإفتاء، وأقول للناس: أظن أن المسألة كذا لا يجوز أن تفعل فيها هذا. وتكون النية إبداء رأي وظن، وليس إبداء حكم شرعي (أي قول لا يجوز شرعا)
وهل بعد إبداء أي رأي أو ظن في مسألة دينية بأنها كذا أو كذا أن نقول( إن كان هذا صوابا فهو من عند الله، وإن كان خطأ فهو من عند الشيطان والله ورسوله بريئان مما أقول)
شكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالرائحة المجردة لا تفسد الصيام، والبخور إنما يفسد به صيام من استنشق دخانه؛ لأن له جِرماً يصل إلى المعدة وهو الدخان، وليس لمجرد الرائحة، فقولك لصاحبك: إن رائحة البخور تفطر بهذا الإطلاق، خطأ، وفتوى بغير علم. وإنما تفطر إذا استنشق دخانها حتى وصل إلى الحلق، وقد بينا هذا الحكم في فتاوى سابقة، فراجع الفتوى رقم: 140760 بعنوان: حكم شم الصائم للعطور والبخور.

وليس لك أخي السائل أن تقيس وتفتي ما دمت لست من أهل العلم، وربما قست أمرا على آخر مع وجود فرق يمنع القياس، والقياس له أركان وضوابط تخفى على من ليس من أهل العلم.

والاجتهاد لا يكون من العامي، وإبداء الرأي في المسألة، وأنها تجوز أو لا تجوز، هو في حقيقته إفتاء؛ لأن الإفتاء هو الإخبار عن الحكم الشرعي في رأي المفتي. فإذا قلت أرى أن الأمر يجوز أو لا يجوز فقد أفتيت، وحتى عند نقلك لفتاوى أهل العلم فإن عليك أن تنقلها بنصها من غير قياس، أو استنباط؛ وانظر الفتوى رقم: 124093 بعنوان: لا حرج على العامي في نقل الفتوى بنصها دون استنباط منها، أو قياس عليها.

وقياس الأمور من العامي بنية الاجتهاد، أو الإفتاء ولو مع القول للناس أنا أظن أن المسألة كذا... هو خطأ كبير، ويؤدي بالمرء إلى القول على الله بلا علم, والقول على الله بلا علم من أعظم الموبقات، كما قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {الأعراف:33}.

وقال الحجاوي في نظم الكبائر:

وقول بلا علم على الله ربنا * وسب لأصحاب النبي محمد.

فننصحك أخيرا بتقوى الله تعالى، والكف عن الإفتاء، وإبداء الرأي في المسائل الشرعية، والاجتهاد ما دمت لست من أهل العلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني