الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخذ الأجرة على الإفتاء بين المجيزين والمانعين

السؤال

شيخ صالح بمدينتنا ضاق الحال به أصبح يطلب أجرة على الفتوى حين تطلب منه-- علما بأن هذا مستغرب جدا في بلادنا--والعلماء المؤهلون مثله قلة جداً نأمل معرفة حكم الشرع علنا ننصحه ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم في جواز أخذ الأجرة على الفتوى.. فذهب بعضهم إلى منعها مطلقاً، ومن هؤلاء أبو عبد الله الدكالي المالكي المغربي، وذهب آخرون إلى جواز أخذ الأجرة ما لم تتعين عليه الفتوى أو تكون الأجرة من أعيان المستفتين.
وفصل آخرون فقالوا: إن كانت الأجرة من بيت المال أو كان متفرغاً لها جاز أخذ الأجرة.
وننقل لك هنا ما جاء في الموسوعة الفقهية لأنه لخص وجمع ما تفرق في كتب الفقه من أقوال العلماء في هذا الموضوع: الأولى للمفتي أن يكون متبرعاً بعمله ولا يأخذ عليه شيئاً، وإن تفرغ للإفتاء فله أن يأخذ عليه رزقاً من بيت المال على الصحيح عند الشافعية ومذهب الحنابلة، واشترط الفريقان لجواز ذلك شرطين:
1- ألا تكون له كفاية.
2- ألا تتعين عليه الفتوى.
وقال ابن القيم: إن لم يكن محتاجاً ففيه وجهان: لتردده بين القياس على عامل الزكاة أو العامل في مال اليتيم.
وألحق الخطيب البغدادي والصيمري: أن يحتاج أهل بلد إلى من يتفرغ لفتاويهم، ويجعلوا له رزقاً من أموالهم فيجوز، ولا يصلح ذلك إن كان له رزق من بيت المال، قال الخطيب: وعلى الإمام أن يفرض لمن نصب نفسه للفتوى في الأحكام ما يغنيه عن الاحتراف، ويكون ذلك من بيت المال، ثم روى بإسناده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أعطى كل رجل ممن هذه صفته مائة دينار في السنة.
وأما الأجرة فلا يجوز أخذها من أعيان المستفتين على الأصح عند الشافعية، وهو مذهب الحنفية والحنابلة، قال الحنابلة: لأن الفتوى عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة، ولأنه منصب تبليغ عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تجوز المعاوضة عليه، كما لو قال: لا أعلمك الإسلام أو الوضوء أو الصلاة إلا بأجرة، قالوا: فهذا حرام قطعاً، وعليه رد العوض ولا يملكه، ويلزمه الإجابة مجاناً لله بلفظه أو خطه إن طلب المستفتي الجواب كتابة؛ لكن لا يلزمه الورق والحبر.
وأجاز الحنفيه وبعض الشافعية أخذ المفتي الأجرة على الكتابة لأنه كالنسخ، وقال المالكية: يجوز للمفتي أخذ الأجرة على الفتوى ما لم تتعين عليه.

وحاصل ما تقدم: أن هذا الشيخ إذا كانت الفتوى تعينت عليه بأن لم يوجد في مدينتكم من يقوم بفتوى الناس في دينهم غيره فلا يجوز له أخذ الأجرة عليها اتفاقاً من الأفراد المستفتين.
ويجوز له أخذها من بيت المال اتفاقاً، وألحق الخطيب البغدادي بذلك أن يحتاج أهل بلد إلى من يتفرغ لفتاويهم ويخصصوا له راتباً من أموالهم الخاصة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني