الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قطع الصلاة لمن شك في خروج ناقض للوضوء منه

السؤال

أعاني من الوساوس والشك ولا أعلم ما الذي يوقف هذه الوساوس، وكثيرا ما أوسوس من ناحية الصلاة والصيام، وهل صلاتي جائزة؟ وهل صيامي جائز؟ وحدث لي موقف بالأمس حيث نمت واستيقظت، وعند استيقاظي وجدت كتلة سائلة بيضاء تشبه المخاط، وكانت الكمية متوسطة فتوضأت وصليت وأنا أشك هل صيامي فاسد أم لا؟ وهل صلاتي جائزة أم يجب علي الغسل؟ وهل هذا مني أم مذي أم إفرازات؟ ثم أعددت الإفطار، مع العلم أنني لست متزوجة، وسني أقل من 20 سنة، وبعد الإفطار وجدت السائل مرة أخرى وشككت هل أغتسل أم أكتفي بالوضوء فتوضأت وصليت، وقبل الخروج لصلاة التراويح مع الجماعة في المسجد رأيت ذلك السائل بكمية قليلة، فتوضأت وذهبت للصلاة، وعند العوة من الصلاة وجدت السائل الأبيض، فهل صلاتي صحيحة؟ مع العلم أنها لم تنزل بشهوة ولا بتفكير، وكنت أوسوس في الصلاة بنزولها وبعد الانتهاء تأكدت ثم ذهبت لصلاة القيام وعند العودة وجدت السائل الأبيض مرة أخرى، فما الحل؟ وهل انتقض وضوئي؟ وماذا أفعل إذا أحسست بنزولها وهل أقطع صلاتي أمام المصلين؟ وهل أقطع صلاتي في كل مرة شككت فيها؟ أتعبتني الوسوسة حتى أفكر بأن لا أذهب للمسجد فأنا أخجل أن أقطع صلاتي في المسجد أمام المصليين كل مرة، وقد ينتهي الإمام وتفوتني الركعات وأنا في دورة المياه، فما الحل؟ وغالبا تراودني وساوس بالتفكير في الشهوة وأستغفر في الصلاة ولا أفكر فيها مرة أخرى ولا أحس بشهوة ولا تطابق صفاتها صفات المذي ولا المني، بل أعتقد أنها إفرازات تنقض الوضوء، فماذا أفعل إذا لم أرها قبل الصلاة ورأيتها بعدها؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

بالنسبة للوسواس فإنا نوصيك بما نوصى به المصابين بهذا المرض، وهو الإعراض التام عنه وعدم الإلتفات إليه. وراجعي بشأن سبل التخلص منه الفتوى رقم: 51601.

أما بشأن هذا السائل الذى يخرج منك بشكل متكرر، ومن دون سبب معين، فكونه منيا أمر بعيد جدا، لأن المني له علامات مميزة ومعروفة لابد من توافرها حتى نحكم بأن الخارج مني، وقد بينا تلك العلامات في الفتوى رقم: 58570.

وكذلك لا نرى أنه مذي، لأن المذي يخرج عقب اللذة الصغرى بالتفكر أو ما شابه، وقد بينا صفاته في الفتوى رقم: 100639.

فيبقى احتمال واحد، وهو أن ذلك السائل هو المعروف برطوبات الفرج، وهي طاهرة لكنها ناقضة للوضوء، كما بينا في الفتوى رقم: 110928.

فلا يجب الاستنجاء منها، ولا يتنجس الثوب أو البدن إذا أصابته، لكنها توجب إعادة الوضوء إذا خرجت قبل الصلاة، وإن شكت المرأة في الخارج منها هل هو مني، أو مذي، أو هو من رطوبات الفرج؛ فلها أن تتخير، وتجعل لهذا الخارج حكم ما شاءت من تلك الإفرازات، كما هو مذهب الشافعية، وانظري الفتوى رقم: 64005.

ثم إن مجرد شعورك بخروج شيء منك لا يجعلك مطالبة بقطع الصلاة، حتى تتيقني من خروجه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما شكا إليه الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال: لا ينفتل ـ أو لا ينصرف ـ حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. متفق عليه.
فإن تيقنت من خروج شيء وجب عليك قطع الصلاة، وإن لم تتيقني وكان الأمر مجرد شك، فلا شيء عليك، ولا يلزمك التفتيش بعد الصلاة، وإن صليت ووجدت ذلك السائل بعد الصلاة، فصلاتك صحيحة، لأن الأصل أنه خرج لاحقا، فإن الشيء إذا احتمل وقوعه في زمنين أضيف إلى آخرهما، على ما بيناه في الفتوى رقم: 137404.
هذا، وكل ما تقدم من تفصيل ـ يتعلق بالصلاة والطهارة، أما الصوم: فلا أثر لذلك الخارج فيه مطلقا سواء كان مذيا أو منيا أو رطوبات فرج، كما بينا في الفتويين رقم: 140536، ورقم: 163051.

إذ لا يفسد الصوم على الراجح إلا بتعمد إخراج المني خاصة وبشيء غير التفكر، وانظرى للتفصيل حول ذلك الفتوى رقم: 127123.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني