الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تعارض بين قطعي الوحي وقطعي العقل

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمأما بعد: فلما أيقن الناس بكروية الأرض وأسباب الليل والنهار واتضحت الأمور حتى صار البصر فضلاً عن المحسوس والملموس مما يستحيل بعض الأحاديث الصحيحه إلا أن تجدوا لي جوابا على أساس أن الأمور الغيبيه لا يدركها العقل ولا يستحيلها فقول الرسول صلى الله عليه وسلم أن النيل والفرات ينبعان من الجنة يحتمل الكثير من التفسيرات كأن أقول إنما هي روحهما ولكن أين مغرب الشمس وأين العرش فلو أجاب سماحتكم عن سؤالي ؟والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد أجمع العلماء على أن قطعي الوحي لا يتعارض أبداً مع قطعي العقل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض 1/80: كل ما قام عليه دليل قطعي سمعي يمتنع أن يعارضه قطعي عقلي، ومثل هذا الغلط يقع فيه كثير من الناس. انتهى
وبين شيخ الإسلام رحمه الله أنه إن تعارض ظني العقل وظني النقل فالمقدم هو الراجح منهما مطلقاً، وإن كان أحدهما ظنياً والآخر قطعياً فالقطعي هو المقدم مطلقاً.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في 1/88 من نفس المرجع: فما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم هو ثابت في نفس الأمر، سواء علمنا صدقه أو لم نعلمه.
وقال في 1/174: لا يجوز أن يتعارض دليلان قطعيان لا عقليان ولا سمعيان ولا سمعي ولا عقلي، ولكن قد ظن من لم يفهم حقيقة القولين تعارضهما لعدم فهمه لفساد أحدهما.
ولذا.. فلا يمكن أن يحدث تعارض بين حقيقة علمية وخبر شرعي قطعي، وإنما عبرنا بالحقيقة العلمية لتخرج النظرية العلمية والفرضية العلمية، فالنظرية العلمية قابلة للصواب وللخطأ وكذا الفرضية، أما الحقيقة العلمية فلا تقبل التشكيك، وكثير من الناس يأتي إلى بعض النظريات التي مازالت تحت الدراسة ولم يمط عنها اللثام ويجعل بينها وبين نصوص الوحي إشكالات ومعارضات.
وقد ذكرنا كروية الأرض ودورانها في الفتوى رقم: 12870، وذكرنا مغرب الشمس في الفتوى رقم:
22383.
ونزيد هنا ما ثبت في الصحيحين، وصحيح ابن حبان، وسنن الترمذي، ومسند أحمد، ومعجم الطبراني الكبير، وسنن النسائي من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فلما غربت الشمس قال أبا ذر: هل تدري أين تذهب هذه؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها، يقال لها: ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها، فذلك قوله تعالى: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [يّـس:38].
وهذا الحديث يثبت سجود الشمس عند كل غروب تحت عرش الله.. وهذا يوافق ما أثبته العلم الحديث عن كيفية دوران الشمس وسباحتها في الكون.
وأما عرش الله تعالى ففوق ذلك، كما جاء في سنن أبي داود من حديث جبير بن مطعم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: إن الله فوق عرشه وعرشه فوق سماواته. وفي صحيح ابن حبان من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا ذر ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة.
وانظر الفتوى رقم:
11072.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني