الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الأولى الأخذ بفتوى علماء البلد عند تعدد الأقوال في المسألة؟

السؤال

بارك الله لكم في هذا الموقع، وجعله في ميزان حسناتكم، وسؤالي هو: أجد في بعض المسائل أكثر من قول، وفي بعض الأحيان أجد على موقعكم كلمة: المفتى به عندنا ـ ومن الممكن أن أجد للمسألة الواحدة أكثر من رأي، فأيهما أتبع؟ وهل أتبع الفتوى التي أجدها في مراكز الفتوى الرسمية في بلادي؟ أم الفتوى التي أجدها على المواقع الأخرى وإن كانت رسمية أيضا؟ وهل يفضل اللجوء إلى دار الإفتاء الرسمية ببلدي أولا واتباعها عملا بقوله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد سبق لنا أن بينا في عدة فتاوى ما على العامي فعله إذا اختلفت عليه فتاوى أهل العلم، كما في الفتاوى التالية أرقامها: 270799، 269515، 262867.

والذي يمكننا إضافته هنا بخصوص ما سألت عنه هل الأولى العمل بالفتاوى الصادرة من أهل الاختصاص في بلدك أم في بلد آخر؟ فاعلم أن الواقع الذي يعيشه السائل ومعرفته له أثر في الجواب في كثير من الحالات، وقد قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين: وَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُفْتِي وَلَا الْحَاكِمُ مِنْ الْفَتْوَى وَالْحُكْمِ بِالْحَقِّ إلَّا بِنَوْعَيْنِ مِنْ الْفَهْمِ:

أَحَدُهُمَا: فَهْمُ الْوَاقِعِ وَالْفِقْهِ فِيهِ وَاسْتِنْبَاطُ عِلْمِ حَقِيقَةِ مَا وَقَعَ بِالْقَرَائِنِ وَالْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ حَتَّى يُحِيطَ بِهِ عِلْمًا.

وَالنَّوْعُ الثَّانِي: فَهْمُ الْوَاجِبِ فِي الْوَاقِعِ، وَهُوَ فَهْمُ حُكْمِ اللَّهِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْوَاقِعِ، ثُمَّ يُطَبِّقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، فَمَنْ بَذَلَ جَهْدَهُ وَاسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَعْدَمْ أَجْرَيْنِ أَوْ أَجْرًا، فَالْعَالِمُ مَنْ يَتَوَصَّلُ بِمَعْرِفَةِ الْوَاقِعِ وَالتَّفَقُّهِ فِيهِ إلَى مَعْرِفَةِ حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ... اهـ.

فإذا كانت المسألة التي تعرض لك مما يكون للواقع أثر في حكمه الشرعي، فلا شك أن الرجوع لعلماء البلد الذي أنت فيه واستفتاؤهم أولى، لكونهم أدرى بالواقع، وأما إذا كانت المسألة لا تعلق لحكمها بالواقع ككثير من مسائل الصلاة والصوم ونحوها، فلا ضير في استفتاء غيرهم من علماء البلاد الأخرى والعمل بفتاواهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني