الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المفتي والمستفتي إن كانت الفتوى خاطئة

السؤال

السادة الأفاضل، كنت قد أرسلت إليكم منذ تسع سنوات سؤالًا عن الغش في الثانوية العامة، وقلت لكم إنني غششت في بعض المواد في الثانوية العامة، ولكنني لم أغش على الإطلاق في الكلية. ومررت بحالة نفسية شديدة بسبب خوفي أن يكون مالي حرامًا. وأفتيتموني بأن مالي حلال، ولا يضرني ما سلف -إن شاء الله-، طالما أؤدي عملي بإتقان. وعملت بفتواكم هذه، ولكن الإثم لا يزال يحاك في صدري طوال هذه السنوات، فهل هذا دليل على أن مالي حرام؟ أم أنها مجرد وساوس شيطان؟
وسؤالي هو: فلنفترض أن فتواكم لي بأن أموالي حلال طالما أؤدي عملي بإتقان، فثبت يوم القيامة أنها خطأ وأن أموالي حرام، وأنه كان ينبغي عليّ أن أترك عملي، هل سأحاسب على ذلك؟ أم أنني معذور لأنني أخذت بفتوى من أهل العلم؟
وبعبارة أخرى: إذا ثبت يوم القيامة أنكم أخطأتم في فتواكم هذه هل سأحاسب؟ أم أن الإثم هنا يتحمله المفتي ولن يكون عليّ وزر يوم القيامة؟
فهل تنصحونني أن أستمر في عملي؟ وهل ما أشعر به من خوف أن تكون فتواكم خطأ مجرد وساوس لا اعتبار لها؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما تجده مجرد وساوس عليك الصد عنها والإعراض؛ لئلا تفسد عليك حياتك، فهي من الشيطان، وهذا ما أرشدناك إليه من قبل، لقول ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين ... انتهى.
وحتى لو كانت الفتوى خاطئة فإنك لا تأثم، ولا يأثم المفتي لاجتهاده فهو معذور إن لم يقصر في الاجتهاد، فإن قصر كان الإثم عليه لا على المستفتي؛ قال القاري في (مرقاة المفاتيح): يعني: كل جاهل سأل عالمًا عن مسألة فأفتاه العالم بجواب باطل، فعمل السائل بها، ولم يعلم بطلانه، فإثمه على المفتي إن قصر في اجتهاده. اهـ.

فدع عنك الوساوس، ولا تسترسل معها حتى تنجو من شرها وعواقبها الوخيمة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني