الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعليق على كلام الشيخ محمد رشيد رضا حول التذكية بالذبح

السؤال

قرأت للأستاذ/ محمد رشيد رضا هذا الكلام حول مسألة الذبح للحيوان في تفسير سورة المائدة في "المنار" 6 :120:
(لَمَّا كَانَتِ التَّذْكِيَةُ الْمُعْتَادَةُ فِي الْغَالِبِ لِصِغَارِ الْحَيَوَانَاتِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهَا، هِيَ الذَّبْحُ -كَثُرَ التَّعْبِيرُ بِهِ، فَجَعَلَهُ الْفُقَهَاءُ هُوَ الْأَصْلَ، وَظَنُّوا أَنَّهُ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ لِمَعْنًى فِيهِ، فَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ مَشْرُوعِيَّةَ الذَّبْحِ بِأَنَّهُ يُخْرِجُ الدَّمَ مِنَ الْبَدَنِ الَّذِي يَضُرُّ بَقَاؤُهُ فِيهِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الرُّطُوبَاتِ وَالْفَضَلَاتِ، وَلِهَذَا اشْتَرَطُوا فِيهِ قَطْعَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَالْمَرِّيءِ عَلَى خِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِي تِلْكَ الشُّرُوطِ. وَإِنَّ هَذَا لَتَحَكُّمٌ فِي الطِّبِّ وَالشَّرْعِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالُوا لَمَا أُحِلَّ الصَّيْدُ الَّذِي يَأْتِي بِهِ الْجَارِحُ مَيِّتًا، وَصَيْدُ السَّهْمِ وَالْمِعْرَاضِ إِذَا خَزَقَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخَزْقَ لَا يُخْرِجُ الدَّمَ الْكَثِيرَ كَمَا يُخْرِجُهُ الذَّبْحُ. وَالصَّوَابُ: أَنَّ الذَّبْحَ كَانَ وَلَا يَزَالُ أَسْهَلَ أَنْوَاعِ التَّذْكِيَةِ عَلَى أَكْثَرِ النَّاسِ؛ فَلِذَلِكَ اخْتَارُوهُ وَأَقَرَّهُمُ الشَّرْعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ مَا فِي غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَتْلِ، كَمَا أَقَرَّهُمْ عَلَى صَيْدِ الْجَوَارِحِ وَالسَّهْمِ وَالْمِعْرَاضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنِّي لَأَعْتَقِدُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَوِ اطَّلَعَ عَلَى طَرِيقَةٍ لِلتَّذْكِيَةِ أَسْهَلَ عَلَى الْحَيَوَانِ وَلَا ضَرَرَ فِيهَا -كَالتَّذْكِيَةِ بِالْكَهْرَبَائِيَّةِ إِنْ صَحَّ هَذَا الْوَصْفُ فِيهَا- لَفَضَّلَهَا عَلَى الذَّبْحِ، لِأَنَّ قَاعِدَةَ شَرِيعَتِهِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى النَّاسِ إِلَّا مَا فِيهِ ضَرَرٌ لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَحْيَاءِ، وَمِنْهُ تَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ بِالْوَقْذِ وَنَحْوِهِ، وَأُمُورُ الْعَادَاتِ فِي الْأَكْلِ وَاللِّبَاسِ لَيْسَتْ مِمَّا يَتَعَبَّدُ اللهُ النَّاسَ تَعَبُّدًا بِإِقْرَارِهِمْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ أَحْكَامُ الْعِبَادَةِ بِنُصُوصٍ مِنَ الشَّارِعِ تَدُلُّ عَلَيْهَا، وَلَا يُعْرَفُ مُرَادُ الشَّارِعِ وَحِكْمَتُهُ فِي مَسْأَلَةٍ مِنَ الْمَسَائِلِ إِلَّا بِفَهْمِ كُلِّ مَا وَرَدَ فِيهَا بِجُمْلَتِهِ، وَلَوْ كَانَ إِقْرَارُ النَّاسِ عَلَى الشَّيْءِ مِنَ الْعَادَاتِ أَوِ اسْتِئْنَافُ الشَّارِعِ لَهَا حُجَّةً عَلَى التَّعَبُّدِ بِهَا، لَوَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اتِّبَاعُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كَيْفِيَّةِ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَنَوْمِهِ، بَلْ هُنَالِكَ مَا هُوَ أَجْدَرُ بِالْوُجُوبِ كَالْتِزَامِ صِفَةِ مَسْجِدِهِ، وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ فَرْشُهُ وَوَضْعُ السُّرُجِ وَالْمَصَابِيحِ فِيهِ).
فهل هناك ملاحظة علمية أو فقهية على ما قرره؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن المتفق عليه عند أهل العلم وجوب ذكاة المقدور عليه بالذبح أو النحر في الحلق واللبة؛ قال في المغني: وأما المحل: فالحلق، واللبة، وهي: الوهدة التي بين أصل العنق والصدر، ولا يجوز الذبح في غير هذا المحل بالإجماع. اهـ.

وإخراج الدم في الذبح منصوص عليه من قبل الشارع؛ ففي الصحيحين من حديث رافع بن خديج أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه، ليس السن والظفر، وسأحدثكم عن ذلك، أما السن: فعظم. وأما الظفر: فمدى الحبشة».

وعلى ذلك؛ فلا مانع شرعًا من الذبح بالسكين الكهربائية إذا ذكر اسم الله وكان الذي يحرك الآلة ممن تصح منه الذكاة.

أما الصعق بالكهرباء من دون ذبح ولا نحر فلا يجزئ، وإن كان التخدير أو الصعق المذكور لا يقضي على حياة الذبيحة حتى تتم ذكاتها بطريقة شرعية، فإنه يعتبر حلالًا ولا حرج فيه -إن شاء الله تعالى-؛ فقد جاء في قرار المجمع الفقهي: لا يحرم ما ذكي من الحيوانات بعد تدويخه باستعمال مزيج ثاني أكسيد الكربون مع الهواء أو الأكسجين، أو باستعمال المسدس ذي الرأس الكروي بصورة لا تؤدي إلى موته قبل تذكيته.

وقد بيّنّا مساوئ الصعق بأنواعه ومحاذيره، وبإمكانك أن تطلع عليه في الفتوى رقم: 12306.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني