الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاسترسال مع الوساوس يثمر الخزي والندامة

السؤال

أنا أعمل عملاً لا أدري هل فيه إثم أم لا وهو: في بعض الأحيان تأتيني أفكار وأنا جالس مع فلان أو فلانة وأعمل الفاحشة معه أو معها (كل هذا في تخيلات العقل فقط وليس له حقيقة) حتى تصل إلى درجة اللذة وبعدها أنبطح على بطني وأقوم بحركات على الفراش (مع تخيل الشاب أو الشابة) تحتي وأنا أتلذذ فهل هذا العمل فيه حكم شرعي؟ وهل هذا العمل له تأثير على الأعضاء التناسلية أو العقل أو الجسم؟
ملحوظة: أرجو الإجابة السريعة لأني أحس أنها أصبحت عادة تتحكم في حياتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فيجب أن تعلم أولاً أن هذه الخيالات والخواطر التي ترد على خاطرك إنما هي وساوس من الشيطان، فعليك أن تستعيذ بالله منه، ولا تترك لنفسك العنان في الاسترسال معها، فإنها لا تثمر لصاحبها إلا الندامة والخزي، بل عليك أن تكرهها، وتقطعها عن نفسك، فإن في ذلك صلاح دينك وقلبك. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: كل من حدثته نفسه بذنب، فكرهه ونفاه عن نفسه، وتركه لله، ازداد صلاحًا وبرًّا وتقوى. واعلم أن هذه الوساوس الشيطانية هي أصل كل شر، يقول عنها ابن القيم في "طريق الهجرتين": إن أصل الفساد كله من قبلها يجيء؛ لأنها هي بذر الشيطان والنفس في أرض القلب، فإذا تمكن بذرها، تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى، حتى تصير إرادات، ثم يسقيها بسقيه حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال، ولا ريب أن دفع الخواطر أيسر من دفع الإرادات والعزائم، فيجد العبد نفسه عاجزًا أو كالعاجز عن دفعها بعد أن صارت إرادة جازمة، وهو المفرط إذ لم يدفعها وهي خاطر ضعيف؛ كمن تهاون بشرارة من نار وقعت في حطب يابس، فلما تمكنت منه عجز عن إطفائها. أما فعلك الذي ترتب على الاسترسال مع تلك الوساوس الشيطانية، فإنه من المعاصي التي يأثم صاحبها، وقد سبق بيان ذلك وأضراره على الجسم والنفس في الفتوى رقم: 7170، والفتوى رقم: 2283. وننصحك أيها الأخ الكريم إذا أتتك هذه الوساوس أن تتذكر اطلاع الله عليك، وعلمه بتفاصيل خواطرك، فعليك بإجلاله سبحانه، والحياء منه، والخوف من أن تسقط من عينه بالاسترسال في تلك الخواطر. وعليك أن تشغل نفسك بخواطر الإيمان، والعمل الصالح، والعلم النافع، فلا تترك نفسك نهبًا للشيطان، فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل. وابتعد عن كل ما يثير شهوتك، فالزم غض البصر، واحذر رفقاء السوء. كما ننصحك بنصيحة النبي صلى الله عليه وسلم للشباب حين قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه. هداك الله وأصلح بالك، ووفقك لكل خير. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني