الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب على البائع توحيد السعر لعامة الناس أم يجوز التفاوت؟

السؤال

بارك الله فيكم، وجزاكم خير الجزاء.
هناك مجموعة من الناس تسكن في مجمع -بالأحرى مخيم-، ويعملون بأجر يومي -قدره: 49 ليرة-، ويستلمون ضمانة بدل النقود، وهي كرت مطبوع باسم صاحب العمل، ويصرف هذا الكرت بشهر تموز من السنة؛ ولأن النقود قليلة، وأحيانًا لا توجد، تتم تجارة وبيع وشراء بهذا الكرت، وقيمته معروفة 49.
الأسئلة الهامة والضرورية من كل هذا:
1- شخص ما يبيع رصيد (مثلًا) {500دقيقة +4GB + 1000 رسالة}، علمًا أنها حسب الباقة تكلفه أحيانًا 35 ليرة، ويبيعها بالكرت الذي ذكرته سابقًا (49)، وقلت لكم: إنه لا يصرف الكرت لشهر تموز، وأحيانًا أكثر، وأحيانًا أقل، فهل يجب توحيد السعر لعامة الناس؟ وهل يجوز مساعدة الأقرباء بتخفيض السعر؟
2- هل يجوز لمن عنده نقود أن يشتري الكرت المقيم (49) الذي يصرف في تموز بأن يشتريه نقدًا بـ 35 ليرة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن هذه البطاقات تعتبر دينًا بنقد مؤجل، فلا يجوز بيعها بنقد؛ لأن ذلك من ربا النسيئة، قال ابن رجب: بيع الصكاك قبل قبضها، وهي الديون الثابتة على الناس، وتسمى صكاكًا؛ لأنها تكتب في صكاك، وهي ما يكتب فيه من الرق، ونحوه؛ فيباع ما في الصك، فإن كان الدين نقدًا، وبيع بنقد؛ لم يجز بلا خلاف؛ لأنه صرف بنسيئة .اهـ.

وأما شراء رصيد اتصال بهذه البطاقات -ولو بأكثر من قيمة الرصيد حالًا-: فهو جائز، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 156761 .

وأما سؤالك: (هل يجب توحيد السعر لعامة الناس؟ وهل يجوز مساعدة الأقرباء بتخفيض السعر؟) فإن الأصل أن للبائع أن يعرض السلعة بالسعر الذي يريده، ولا يجب على البائع أبدًا أن يسوي بين المبتاعين في السعر، فله أن يخفض السعر لمن يشاء، ويرفعه على من يشاء، وإنما المحرم هو الخداع، والغش، والتغرير بالجاهل الذي لا يعرف، قال ابن عثيمين: الربح الذي يكتسبه البائع ليس محددًا شرعًا، لا في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في إجماع أهل العلم، ولا علمنا أن أحدًا حدده، غاية ما في ذلك أن بعضًا من أهل العلم لما ذكروا خيار الغبن، قالوا: إن مثله أن يغبن بعشرين في المائة، أي: بالخمس، ولكن مع هذا؛ ففي النفس منه شيء، فإن التحديد بالخمس ليس عليه دليل أيضًا.

فعلى كل حال؛ فإننا نقول: إنه لا حد للربح؛ لعموم قوله تعالى: وأحل الله البيع ـ وعموم قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ـ فمتى رضي المشتري بالثمن، واشترى به، فهو جائز، ولو كان ربح البائع فيه كثيرًا، اللهم إلا أن يكون المشتري ممن لا يعرفون الأسعار، غريرًا بالقيم والأثمان، فلا يجوز للبائع أن يخدعه، ويبيع عليه بأكثر من ثمن السوق. اهـ.

ثم ذكر الخلاصة قائلًا: لا بأس أن يأخذ ما شاء من الربح، إلا إذا كان يربح على إنسان جاهل غرير لا يعرف، فهذا حرام عليه أن يربح عليه أكثر مما يربح الناس في هذه السلعة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني