الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترك الصلاة والصيام إثم عظيم وجرم جسيم

السؤال

أنا شاب عمري 25 عامًا، لا زلت أدرس، وغير متزوج، وأنا في ورطة عظيمة، فماذا أفعل؟.
لقد نشأت -والحمد لله- في أسرة محترمة، ولكن –للأسف- لم يكونوا يحاسبونني على الصلاة، فكبرت على هذا، فكنت لا أداوم على الصلاة، وعلى الأغلب تاركًا لها عدا في رمضان، ثم كانت تمر عليّ بعض الأيام في رمضان دون أن أصلي، ثم زدت في ضلالي وأفطرت أيامًا في نهار رمضان، وقد تبت إلى الله -أسأل الله أن تكون نصوحًا، وألا يردني بعدها أبدًا-، ولكن رأسي يكاد ينفجر من كثرة البحث عما يجب فعله لأجل التكفير عن الماضي، فرأيت فتاوى لابن باز والحويني وغيرهما تكفرني، ثم بتوبتي هذه كأنني عدت للإسلام من جديد، ولا شيء عليّ قضاؤه، وفتاوى أخرى تبين مدى إثمي الشديد، مع وجوب قضاء ما فات مع كفارة عليّ، فماذا أفعل في الصلوات التي فوّتها، والأيام التي أفطرتها؟ هل عليّ قضاؤها (الصوم، والصلاة)، وأنا لا أعلم عددها أصلًا من كثرتها، أم إن التوبة تكفي، مع الإكثار من النوافل والأعمال الصالحة؟ وهل الرمضانات التي لم أصلّ فيها صيامي فيها صحيح أم باطل؟
وأخيرًا: لديّ طلب من خلال متابعتي لإجابتكم، فقد رأيت أنكم تعرضون الآراء الشرعية المختلفة، وهذا شيء عظيم، ولكن بالله عليكم أخبروني في النهاية ما هو الأحوط والأنفع لديني؛ حتى أبرأ ذمتي أمام الله، مع العلم أنه من أسباب تأخر توبتي هذه، بالإضافة لتقصيري الشديد، خوفي من عدم جدوى توبتي؛ نظرًا لكثرة ذنوبي، وعودتي المتكررة للذنب، بالإضافة لوسوسة الشيطان لي؛ لأنني كلما نظرت للكمّ الهائل من الصلوات التي فاتتني -إن كانت فتواكم توجب القضاء- أخاف وأصاب بإحباط، وأحس أنني مهما فعلت فلن أستطيع تعويض ما فات؛ نظرًا لأنه تقصير قرابة عشر سنوات في الصلاة، فلا أفعل أي شيء، وأستمر فيما أنا فيه من ضياع.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يتوب عليك، وننصحك بالمبادرة إلى التوبة النصوح، والحفاظ على صلواتك، وعدم التفريط فيها؛ فإن ترك الصلاة إثم عظيم، وجرم جسيم، أعظم من الزنى، والسرقة، وشرب الخمر، وقتل النفس، وانظر الفتوى رقم: 130853.

وفي وجوب قضاء ما تركته عمدًا من الصلوات خلاف مشهور، بيناه في الفتوى رقم: 128781.

وإذا كان القول بلزوم القضاء حائلًا بينك وبين التوبة، فلك أن تقلد من يفتي بعدم لزوم القضاء، مع الاجتهاد في التقرب إلى الله تعالى بفعل النوافل.

وأما الأحوط للدين، فهو -بلا شك- قضاء تلك الصلوات، ولبيان كيفية القضاء، تنظر الفتوى رقم: 70806، ويسعك الأخذ بقول المالكية حيث أردت القضاء، فتقضي صلاة يومين مع كل يوم.

وأما الصيام: فعليك أن تقضي جميع ما أفطرته من أيام، فإن جهلت عددها، فإنك تتحرى، فتقضي ما يحصل لك به اليقين، أو غلبة الظن ببراءة ذمتك، ولا كفارة عليك؛ لأن الكفارة لا تجب إلا في الفطر بالجماع، كما هو مبين في الفتوى رقم: 111609.

وعليك أن تجتهد في طاعة الله تعالى، وتكثر من فعل الحسنات؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات، واصحب الصالحين، واحضر دروس العلم، وحلق الذكر، وأكثر من الدعاء، والابتهال إلى الله تعالى، والتضرع إليه بأن يمن عليك بالتوبة النصوح.

واعلم أنك إذا تبت توبة نصوحًا، فإن توبتك تمحو ما قبلها من الإثم، مهما كان عظيمًا؛ فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني