الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب العامي تجاه فتاوى أهل العلم ونشرها للناس والإنكار على المخالف

السؤال

أخي الكريم هناك مسألة تقلقني في مسألة الإفتاء، حيث إنني أثق بموقعكم ثقة عمياء، وآخذ كلامكم حرفا بحرف، وأسعى جاهداً لتطبيقه، إيمانا مني بأنكم على قدر حمل مسؤولية الدين، لكن ما يقلقني هو ثلاث نقاط أريد السؤال عنها:
أولا: الغلو. فأنا أخاف من الغلو، لكن كما قلت بما إنني أثق بموقعكم ثقة عمياء، فإنني إن رأيت أحدا على خطأ، فإني أرجع إلى موقعكم، فإن رأيت أن ذلك العمل خاطئ، أذهب وأنصح ذلك الشخص وأجادله، وأتشدد في رأيي. فهل هذا يعتبر غلوا -والعياذ بالله- فإني والله أخشى أن أقع فيه، أو أكون من المتنطعين الذين ذمهم رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه.
أما المسألة الثانية وهي النفاق. فإني أخي الكريم أخشى على نفسي جداً من النفاق، وأفعل ما أستطيع دائماً، حتى أتجنب أي صفة من صفات المنافقين، لكن ما يقلقني هو أن لدي صفحة على الفيس بوك وبها متابعون كثر؛ لذلك أقوم بنشر أحاديث، وأحيانا فتاوى من موقعكم حتى أستفيد بها بالأجر وأفيد الناس بها، لكن أحيانا يغلب على الظن أنني نشرت المنشور بهدف الرياء، وذلك لأنني أسعد عندما أرى نسبة كبيرة قد شاهدوا المنشور وأعجبوا به، مع أنني أكون قد نشرت المنشور في البداية احتساباً للأجر، لكن بعد رؤية الإعجابات يبدأ الوسواس يلعب في رأسي، ويبدأ بتشكيكي في نيتي الأصلية.
أما المسألة الثالثة فهي أكثر ما يقلقني، وهي الإفتاء. فكما قلت عندي صفحة على الفيس بوك، وبها متابعون كثر؛ لذلك في الكثير من الأحيان أقوم بنشر فتوى من موقعكم حتى أفيد الناس بها، وأحياناً يسألني المتابعون عن مسألة فقهية معينة، فأرجع لموقعكم وآخذ الفتوى وأرسلها لهم قائلاً :"إنني أولا لست بمفت، وإنما طالب علم مثلي مثلكم، وهذه فتوى من أحد الشيوخ" ثم أكتب الفتوى من موقعكم، لكن ما يقلقني أنني أحيانا لا أنقل نص الفتوى حرفيا، وإنما آخذ بعض أجزاء الفتوى، والجزء الآخر لا أنقله حتى لا يمل القارئ أثناء قراءته، مع العلم أنني لا أغير معنى الفتوى، وإنما يقتصر حذفي على بعض الأحاديث أو الآيات، أو أقوال العلماء ولا أحذفها اتباعاً للهوى، وإنما كما قلت حتى لا يمل القارئ.
فهل أكون بذلك قد أخطأت؟ وهل نشري أو الرد على طالبي الفتوى يعتبر جرأة على الفتوى؟
أخي الكريم أعتذر عن الإطالة، ولكن هذه المسائل الثلاث تقلقني جداً، وأظنها -والله أعلم- وسواس.
بارك الله فيكم، وأعتذر مرة أخرى عن الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعامي يقلد من يثق به من أهل العلم، وليس له أن ينكر على غيره في مسائل الخلاف، ومن ثم فإنك إذا قلدتنا أو قلدت غيرنا في مسألة مختلف فيها، لم يكن لك أن تنكر على غيرك.

فإذا علمت وتيقنت أن المسألة مما لا يسوغ فيه الخلاف، فحينئذ يجوز لك أن تنكر، ولبيان ما على العامي فعله، انظر الفتوى رقم: 169801.

ولا يجوز لك التعصب لرأينا، أو لرأي غيرنا إذا كانت المسألة من مسائل الاجتهاد، فإن التشدد في مسائل الاجتهاد من الغلو المذموم.

وليس عليك حرج في نقل الفتاوى بالصفة المذكورة، إذا كنت متيقنا أنك لا تغير مضمون الفتوى، وإن كان الأولى نقلها كاملة لتتم الفائدة، وليس هذا من الاجتراء على الفتوى؛ لأنك لا تفتي والحال ما ذكر برأيك.

وأما ما ذكرته عن النفاق، فعليك أن تستمر في العمل الصالح، وتجتهد في نشر ما تقدر على نشره من الخير، وتحرص على تحصيل الإخلاص جهدك، وإياك وترك العمل الصالح مهما وسوس لك الشيطان أنك ترائي، بل استمر في العمل الصالح، واحرص على استحضار الإخلاص ومدافعة الرياء.

ويبدو أنك مصاب ببعض الوساوس، فعليك أن تتجاهلها وأن تعرض عنها وألا تبالي بها ولا تعيرها اهتماما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني