الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للجن حفظة؟ وهل يسألون في قبورهم؟ وهل تطلع الملائكة على الخواطر؟

السؤال

هل مع الجن حفظة وكتبة مثلنا؟ وهل يسألون في القبر، وينعمون ويعذبون؟ وهل تفكير الإنسان وحركاته، موكل بها ملائكة؟ وهل كل شيء موكل به ملائكة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأما هل مع الجن حفظة أم لا؟ فهذا من الغيب الذي لم يطلعنا الله تعالى عليه.

والمقطوع به أن أعمالهم محصاة عليهم، وأنهم محاسبون بها يوم القيامة، كما قال تعالى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ {الرحمن:31}.

والاشتغال بمثل هذا مما لا فائدة فيه، ولا سبيل إلى علمه؛ لأنه إنما يتلقى من الوحي.

وظاهر صنيع السفاريني -رحمه الله- في شرح عقيدته، أن هؤلاء الحافظين مختصون بالإنس، قال رحمه الله:

ووكل الله من الكرام ... اثنين حافظين للأنام

فيكتبان كل أفعال الورى ... كما أتى في النص من غير امترا.

ثم قال في شرحه ما لفظه: ((اثنين)) مفعول، "وكل" ((حافظين للأنام))، كسحاب، وبالمد، والأنيم كأمير، الخلق من الجن، والإنس، وجميع ما على وجه الأرض، والمراد هنا: الإنس، ((فيكتبان)) يعني: الملكين الحافظين ((كل أفعال الورى))، كفتى، الخلق ((كما أتى في النص)) القرآني، كما في قوله - تعالى-: {وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين}. انتهى.

وأما سؤالهم في قبورهم، وفتنتهم فيها، ولحوق النعيم والعذاب لهم، فعموم الأدلة يشملهم، كما نص على ذلك أهل العلم، قال السفاريني -رحمه الله-: وممن لا يسأل: الملائكة، والأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-. وأما الجن، فالأدلة تعمهم، ويسألون؛ لأنهم مكلفون في الجملة، كما نص عليه علماؤنا، وغيرهم، وبالله التوفيق. انتهى.

وأما اطلاع الملائكة على الخواطر، فمما لا نص فيه كذلك، ومن ثم اختلفت كلمة العلماء في هذا، وأجمل هذه المسألة ابن جزي الغرناطي في تفسيره، فقال: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ: يعني الملائكة الذين يكتبون أعمال بني آدم. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ: يعلمون الأعمال؛ لمشاهدتهم لها، وأما ما لا يرى، ولا يسمع من الخواطر والنيات، والذكر بالقلب، فقيل: إن الله ينفرد بعلم ذلك، وقيل: إن الملك يجد لها ريحًا، يدركها به. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني