الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التكبير مباشرة بعد السلام من الفريضة مخالف للهدي النبوي

السؤال

ما حكم التكبير فور السلام من صلاة الفريضة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد جاء في صحيح مسلم، وغيره عن ثوبان، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا انصرف من صلاته، استغفر ثلاثًا، وقال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام. قال الوليد: فقلت للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: أستغفر الله، أستغفر الله.

وفي فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يشرع للمصلي أن يقول بعد التسليم: (الله أكبر) قبل أن يستغفر ثلاثًا؛ اعتمادًا على لفظة (التكبير)، في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: «كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير». متفق عليه. فإن كان لا يجوز ذلك، فما المراد بالتكبير في الحديث؟

الجواب: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة، يبدأ بالاستغفار، فيستغفر الله ثلاثًا، ثم يقول: «اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام»، ثم يأتي ببقية الأذكار الواردة، أما التكبير المذكور في الحديث، فالمراد به قول: (سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر) دبر الصلاة ثلاثًا وثلاثين؛ وذلك جمعًا بين الأحاديث الواردة في ذلك. انتهى.

وفي شرح سنن أبي داود للشيخ عبد المحسن العباد: أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [التكبير بعد الصلاة]، والمقصود من هذه الترجمة: إثبات التكبير، والذكر بعد الصلاة، وأنه يرفع بهما الصوت، وذكر التكبير؛ لأنه جاء في الرواية الأولى، وجاء في الثانية الذكر، وهو أعم من التكبير؛ لأن الذكر يشمل التكبير، وغير التكبير.

فهو أتى بالترجمة على الرواية الأولى، التي أوردها عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-، وأنه [(كان يعلم انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير)]، أي: المتأخرين عن الإمام يسمعون التكبير، والتكبير لم يأتِ ما يدل على أنه بعد السلام، وإنما يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، ويأتي بعد ذلك بالأذكار: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، هذا هو الذي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالتكبير جاء مع التسبيح، والتحميد.

فالذي جاءت به الروايات: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم، استغفر ثلاثًا، ثم قال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام).

ثم الرواية الثانية ذكرت الذكر، وهو يشمل التكبير، وغير التكبير، ومعنى هذا أن لفظ الذكر، يكون مطابقًا مع ما جاء في الروايات الأخرى، الدالة على أنه بعد الصلاة يؤتى بالذكر، الذي أوله الاستغفار، ثم: اللهم أنت السلام، ومنك السلام.. إلى آخره، وجاء في هذه الرواية ذكر التكبير، فيحمل على أن المقصود من ذلك ما يكون من التكبير مع التسبيح، والتحميد بعد الصلاة. انتهى.

وبناء عليه؛ فإن التكبير مباشرة بعد السلام من الفريضة، مخالف للهدي النبوي, بل الثابت هو الاستغفار ثلاثًا -كما رأينا-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني