الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من وضع الزكاة عند فقير ليأخذ جزءًا لنفسه ويوزع الباقي فسرقت منه

السؤال

رجل وضع جميع زكاته عند رجل فقير؛ ليأخذ قسمًا من الزكاة لنفسه، ويقسم ما بقي من الزكاة لفقراء آخرين، ولكنه لم يستطع ذلك؛ لأن قطاع الطريق أخذوا منه جميع مال الزكاة، فهل تسقط الزكاة عن صاحب المال أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فيسقط عن صاحب الزكاة المقدار الذي استلمه ذلك الفقير لنفسه فقط؛ لأن هذا المقدار قد تملكه الفقير بقبضه، ووصل لمستحقه، وخرج عن عهدة المزكّي، وما زاد على ذلك، فإنه لا يسقط عنه؛ لأنه لم يصل إلى مستحقيه، ولا يطالب ذلك الفقير (الوكيل عن المزكّي) بضمان المال المأخوذ منه قهرًا؛ إلا إذا فرط في حفظه، وإيصاله، جاء في الموسوعة الفقهية: وَالتَّفْرِيطُ يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ؛ ذَلِكَ أَنَّ الأْصْل فِي الْوَكِيل أَنَّهُ أَمِينٌ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ، وَلاَ تَعَدٍّ، فَإِذَا ثَبَتَ تَفْرِيطُهُ، أَوْ تَعَدِّيهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ. اهــ. وجاء في تعليقات ابن عثيمين -رحمه الله- على الكافي: فلو أعطيتك ألف ريال، وقلت: هذه زكاة فرقها، ثم إن هذه الزكاة سرقت، فهل يجب على الذي أعطاها أن يخرج بدلًا عنها؟ نعم، يجب أن يخرج بدلًا عنها؛ لأن الوكيل هنا ليس وكيلًا للفقراء، بل هو وكيل لصاحبها. وهل يضمن هذا الذي سُرقت منه؟ نقول: إن كان قد تعدّى، أو فرّط، ضمن، وإلا فلا ضمان. اهـ.

ويرى المالكية، والشافعية أن من تلفت زكاته، أو سُرقت قبل وصولها لمستحقيها، لم يلزمه شيء.

والقول الأول أحوط، وأبرأ للذمة، وانظر أقوال الفقهاء حول هذا في الفتوى: 41572، بعنوان: "من سرقت زكاته يخرج مكانها احتياطًا".

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني