الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل كل علماء (العلوم الدنيوية) المسلمين ملحدون مثل ابن سينا والفارابي، وهل عباس بن فرناس، ابن رشد، ابن الهيثم، الرازي منهم(ملحدون)؟
لماذا علماء المسلمين يذكرون ابن سينا على أنه مسلم، وابن تيمية كفره؟ وهل هناك علماء من المسلمين، أم كلهم ملحدون؟
أرجو التكرم بالرد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق لنا الإشارة إلى عقيدة: ابن سينا، وابن رشد الحفيد، والفارابي، وابن الهيثم، والكندي، والبيروني.

وراجع في ذلك الفتاوى: 225379، 62822، 311665، 59267.

وأما الرازي ففي الفتويين: 60851، 98084.
وأما عباس بن فرناس فترجمه ابن عميرة في بغية الملتمس فقال: عباس بن فرناس أبو القاسم، شاعر أديب مشهور، كان في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن. اهـ.
وبذلك ذكره ابن أبي نصر الحَمِيدي في جذوة المقتبس.
وترجمه أبو بكر الزبيدي في طبقات النحويين واللغويين، فقال: عباس بن فرناس بن ورداس، كان متصرفًا في ضروب من الآداب، وكان من أهل الذكاء والتقحُّم على المعاني الدقيقة، والصناعة اللطيفة، وكان الشعر أغلبَ أدواته عليه. اهـ.
وقال المقري في نفح الطيب: ومن حكاياتهم في الذكاء واستخراج العلوم واستنباطها أن أبا القاسم عباس بن فرناس، حكيم الأندلس، أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة، وأول من فك بها كتاب العروض للخليل، وأول من فك الموسيقى، وصنع الآلة المعروفة بالمنقانة ليعرف الأوقات على غير رسم ومثال، واحتال في تطيير جثمانه، وكسا نفسه الريش، ومد له جناحين، وطار في الجو مسافة بعيدة، ولكنه لم يحسن الاحتيال في وقوعه، فتأذى في مؤخره، ولم يدر أن الطائر إنما يقع على زمكه، ولم يعمل له ذنباً. اهـ.
ولم يثبت عنه إلحاد، وإنما طعنوا عليه في دينه ونسبوه للسحر لكثرة حيله.

قال ابن سعيد المغربي في: المغرب في حلى المغرب: ذكر ابن حيان: أنه نجم في عصر الحكم الرّبضي، ووصفه بأنه حكيم الأندلس، الزائد على جماعتهم بكثرة الأدوات والفنون ... وكان فيلسوفا حاذقا، وشاعرا مفلقا، مع علم التنجيم. وهو أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة، وأول من فكّ بها كتاب العروض للخليل، وكان صاحب نيرنجات، كثير الاختراع والتوليد، واسع الحيل، حتى نسب إليه السّحر وعمل الكيمياء. وكثر عليه الطعن في دينه. اهـ.
وعلم النيرنجات: هو مزج قوى الجواهر الأرضية بعضها ببعض. كما قال التهانوي في كشاف اصطلاحات الفنون.

وأما ذكر من سبق ذكرهم من الفلاسفة في علماء المسلمين رغم انحراف عقائدهم، فهذا نظنه لسببين:

أولهما: الجهل بأحوالهم وحقيقة مذاهبهم.

والثاني: وجودهم في بلاد المسلمين، فأراد من ذكرهم إثبات أن الإسلام لا يحول بين المرء وبين البراعة في علم من علوم الطبيعية، وأن التقصير في العلوم المدنية النافعة ينسب للمسلمين لا للإسلام ذاته.

ولم يكن كل علماء الإسلام في العلوم التجريبية ملحدين، بل قد برع كثير من أهل الإسلام في النافع من هذه العلوم، كالطب والعمارة والفلك ولم ينسبوا إلى الإلحاد، وراجع في ذلك الفتوى: 226648.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني