الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فوقية الله تعالى ليست كفوقية الأشياء فيما بينها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من القطعي أن الأرض كروية، وأن كل ما هو فوق الأمريكيتين -مثلا- هو تحتنا، وأن كل ما هو فوقنا نحن هو تحتهم، فكيف نفسر -بارك الله فيكم- علو الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فنريد أن ننبه السائل الكريم إلى أن الفوقية والتحتية وسائر الجهات الأخرى هي مسائل تتحدد بالنسبة إلى ما هي منسوبة إليه، فهي نسبية، وكل شيء في هذا الوجود هو فوق باعتبار وتحت باعتبار آخر، ثم إن هذه الأرض التي نحن عليها والتي لم ندرك بعد إلا القليل من أسرارها، إنما هي كوكب من ضمن تسعة كواكب تضمها مجرة درب التبانة، ومجرة درب التبانة تعتبر من أصغر المجرات، كما أن الأرض من أصغر الكواكب، وعدد المجرات التي تم اكتشافها حتى الآن يقدر بالملايين، فمن تأمل ذلك عرف ضيق أفق هذا الإنسان بالنسبة للأفق العام. والله تعالى لا يقارن بمخلوقاته، فهو فوقها جميعا، وفوقيته ليست كفوقية الأشياء فيما بينها، وقد أثبتها لنفسه، قال تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [النحل: 50]. وقال: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ [الأنعام: 18]. وقال: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ [المعارج: 4]. وقال: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ [فاطر: 10]. والأدلة في الموضوع كثيرة جدا. وإذا كان ذهن الإنسان أضعف من أن يدرك هذه الفوقية، ولا يمكن أن يتصورها في المخلوقات التي بين يديه، فليعلم أن الله على كل شيء قدير، وليُسلِّم بما أخبر الله به، ويترك الخوض فيما لا يستطيع الوصول إلى كنهه. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني