الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تسبب الإنسان في نزول المطر لا يعارض توكيل الملائكة به

السؤال

كيف تكون الملائكة هي التي تقوم بتزجية السحب، وإنزال المطر بأمر من الله (حسب العديد من الأحاديث التي تخبر بذلك)، وقد استطاع الإنسان أن ينزل المطر عن طريق الاستمطار الصناعي؟
يعني لو كان إنزال المطر هو من وظيفة الملائكة، وهي من تقوم به، وأن هنالك ملائكة مسؤولة عن السحب والمطر، فكيف استطاع الإنسان حقن السحب، وزيادة كمية المطر، وإنزاله إن كان ذلك من عمل الملائكة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن لك أسئلة كثيرة تسبح في فلك إثارة الشبهات حول القرآن العظيم، والسنة الثابتة، وكان من دأب الأئمة تقريع متتبعي الشبهات، وتوبيخهم، والإعراض عن مناقشتهم.

قال ابن تيمية -حاكيا طريقة الصحابة ومن اتبعهم بإحسان-: كانوا إذا رأوا من يسأل عن المتشابه، بالغوا في كفه تارة بالقول العنيف؛ وتارة بالضرب، وتارة بالإعراض الدال على شدة الكراهة لمسألته.

ولذلك لما بلغ عمر - رضي الله عنه - أن صبيغا يسأل عن المتشابه، أعد له عراجين النخل، فبينما عمر يخطب، قام فسأله عن: {والذاريات ذروا} {فالحاملات وقرا} وما بعدها. فنزل عمر فقال: "لو وجدتك محلوقا لضربت الذي فيه عيناك بالسيف" ثم أمر به فضرب ضربا شديدا، وبعث به إلى البصرة، وأمرهم أن لا يجالسوه، فكان بها كالبعير الأجرب، لا يأتي مجلسا إلا قالوا: "عزمة أمير المؤمنين" فتفرقوا عنه حتى تاب، وحلف بالله ما بقي يجد مما كان في نفسه شيئا، فأذن عمر في مجالسته، فلما خرجت الخوارج أتي فقيل له: هذا وقتك، فقال: لا، نفعتني موعظة العبد الصالح.

ولما سئل "مالك بن أنس" - رحمه الله تعالى - فقيل له: يا أبا عبد الله {الرحمن على العرش استوى} كيف استوى؟ فأطرق مالك وعلاه الرحضاء -يعني العرق- وانتظر القوم ما يجيء منه فيه. فرفع رأسه إلى السائل وقال: " الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأحسبك رجل سوء". وأمر به فأخرج. اهـ.

فنأمل منك الكف عن مثل هذه الأسئلة.

وإن كنت صادقة في طلب الحق، ساعية في كشف شبهة عرضت لك -دون تتبع للشبهات وتجميع لها-، فدونك المواقع المتخصصة في مناقشة الشبهات.

وأما موقعنا فهو متخصص في إسعاف المستفتين فيما يحتاجونه من العبادات، والمعاملات الشرعية، والعقيدة، ونحوها مما له علاقة بالفتوى، والأحكام الشرعية.

وبعد هذا: فإن ثبوت الأسباب الغيبية بالنسبة لنا كفعل الملائكة، لا يتعارض مع ما جعله الله تعالى في الكون من أسباب مادية لبعض الظواهر الكونية، وكلاهما بتدبير الله تعالى، وقضائه، وقدره، ومن باب التمثيل: فكل أحد يموت بقبض ملك الموت لروحه، ولا يعارض ذلك كونه يموت بسبب مادي من قتل، أو مرض، أو غير ذلك.

فكذلك: تسبب الآدميين في نزول المطر، لا يعارض السبب الغيبي لذلك، وهو فعل الملائكة.

وراجعي مزيد بيان في الفتوى: 124121.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني