الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كراهة السؤال عن الغرائب وعما لا ينتفع ولا يعمل به

السؤال

عزيزي الشيخ: هل البشر يوم الحشر يأتون لونهم واحد، أو كما خلقوا في الدنيا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم نقف -بعد البحث- على كلام للعلماء في هذه المسألة التي لا ينبني عليها عمل، ولا ينفع العلم بها، ولا يضر الجهل بها.

وعلى كل حال، فإننا نشكر لك تواصلك معنا، وننصحك بأن تصرف همتك إلى السؤال عن أصول الإيمان، وأعمال القلوب، والعبادات، ونحوها من العلوم التي يحتاجها المسلم، وتنفعه في أمر دينه.

وأما الغرائب والمسائل المتكلفة التي لا يترتب عليها فائدة ولا عمل، فالسؤال عنها مذموم، وكان الأئمة يكرهون هذه الأسئلة، وينهون عنها، ويعرضون عن إجابتها، ويقرّعون أصحابها!

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في أعلام الموقعين واصفا حال الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ولكن إنما كانوا يسألونه عما ينفعهم من الواقعات، ولم يكونوا يسألونه عن المقدرات والأغلوطات وعضل المسائل، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها، بل كانت هممهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به، فإذا وقع بهم أمر سألوا عنه فأجابهم. اهـ.

وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: [فصل في كراهة السؤال عن الغرائب وعما لا ينتفع ولا يعمل به وما لم يكن] قال المروزي قال أبو عبد الله: سألني رجل مرة عن يأجوج ومأجوج أمسلمون هم؟ فقلت له أحكمت العلم حتى تسأل عن ذا؟!

وقال أيضا قال أبو عبد الله: سأل بشر بن السري سفيان الثوري عن أطفال المشركين فصاح به وقال: يا صبي أنت تسأل عن ذا؟!
وقال حنبل سمعت أبا عبد الله وسأله ابن الشافعي الذي ولي قضاء حلب قال له يا أبا عبد الله ذراري المشركين أو المسلمين لا أدري أيهما سأل عنه، فصاح به أبو عبد الله وقال له: هذه مسائل أهل الزيغ ما لك ولهذه المسائل؟ فسكت وانصرف ولم يعد إلى أبي عبد الله بعد ذلك حتى خرج.

ونقل أحمد بن أصرم عن أحمد أنه سئل عن مسألة في اللعان فقال: سل رحمك الله عما ابتليت به، ونقل عنه أبو داود وسأله رجل عن مسألة فقال له دعنا من هذه المسائل المحدثة، وسألته عن أخرى فغضب وقال: خذ ويحك فيما تنتفع به، وإياك وهذه المحدثة وخذ في شيء فيه حديث.
وقال الأثرم: سمعت أحمد سئل عن مسألة قال: دعنا ليت أنا نحسن ما جاء فيه الأثر.
وقال أحمد بن جيان القطيعي: دخلت على أبي عبد الله فقلت: أتوضأ بماء النورة؟ فقال: ما أحب ذلك، فقلت: أتوضأ بماء الباقلا قال: ما أحب ذلك قال: ثم قمت فتعلق بثوبي وقال: أيش تقول إذا دخلت المسجد؟ فسكت فقال: أيش تقول إذا خرجت من المسجد؟ فسكت فقال: اذهب فتعلم هذا. اهـ

وقد تضمن ذلك أنه يكره عند أحمد السؤال عما لا ينفع السائل، ويترك ما ينفعه ويحتاجه، وإن العامي يسأل عما يعمل به، وقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم} [المائدة: 101]. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني